قال المدائنيّ حدّثني
الحرمازي عن الوليد بن هشام القحذمي و كان كاتب خالدا القسريّ و يوسف بن عمر [4]
أن هندا بنت أسماء كانت تحت [5] عبيد اللّه بن زياد، و كان أبا عذرها، فلما قتل- و
كانت معه- لبست قباء، و تقلّدت سيفا، و ركبت فرسا/ لعبيد اللّه كان يقال لها: الكامل،
و خرجت حتى دخلت الكوفة ليس معها دليل، ثم كانت بعد ذلك أشدّ خلق اللّه جزعا عليه،
و لقد قالت يوما: إني لأشتاق إلى القيامة لأرى وجه عبيد اللّه بن زياد.
بشر بن مروان يتزوجها:
فلما قدم بشر بن مروان
الكوفة دلّ عليها، فخطبها، فزوّجها، فولدت له عبد الملك بن بشر، و كان ينال من
الشراب و يكتم ذلك، و كان إذا صلّى العصر خلا في ناحية من داره ليس معه أحد إلا
أعين مولاه صاحب حمّام أعين بالكوفة، و أخذ في شأنه. فلم تزل هند تتجسّس خبره حتى
عرفته، فبعثت مولى لها، فأحضرها أطيب شراب و أحدّه و أشده و أرقه و أصفاه، و أحضرت
[6] له طعاما علمت أنه يشتهيه، و أرسلت إلى أخويها: مالك و عيينة، فأتياها و بعثت
إلى بشر و اعتلّت عليه بعلة، فجاءها فوضعت بين يديه ما أعدّته، فأكل و شرب، و جعل
مالك يسقيه، و عيينة يحدّثه، و هند تريه وجهها. فلم يزل في ذلك حتى أمسى، فقال: هل
عندكم من هذا شيء نعود عليه غدا؟ فقالت: هذا دائم لك ما أردته، فلزمها و بقي أعين
يتبع الديار بوجهه و لا يرى بشرا، إلا أن يبحث عن أمره فعرفه، و علم أنه ليس فيه
حظ بعدها. قال و مات عنها بشر فلم تجزع عليه، فقال الفرزدق في ذلك: