كنا نقعد إلى رؤبة يوم
الجمعة في رحبة بني تميم: فاجتمعنا يوما فقطعنا الطريق، و مرّت بنا عجوز فلم تقدر
على أن تجوز في طريقها، فقال رؤبة بن العجاج:
تنحّ للعجوز عن
طريقها
إذ أقبلت رائحة من سوقها
دعها فما النحويّ من
صديقها
يعبث به الصبيان فيستعين
الوالي عليهم:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز
الجوهريّ و أحمد بن عبيد اللّه بن عمار، قالا: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا أبو
زيد سعيد بن أوس الأنصاري النحويّ، قال:
دخل رؤبة بن العجاج السوق
و عليه برنكان [1] أخضر، فجعل الصبيان يعبثون به، و يغرزون شوك النخل في برنكانه و
يصيحون به، يا مرذوم يا مرذوم! فجاء إلى الوالي فقال: أرسل معي الوزعة [2]، فإن
الصبيان قد حالوا بيني و بين دخول السوق، فأرسل معه أعوانا فشدّ على الصبيان، و هو
يقول:
ففروا من بين يديه فدخلوا
دارا في الصيارفة، فقال له الشّرط: أين هم؟ قال: دخلوا دار الظالمين، فسمّيت دار
الظالمين إلى الآن لقول رؤبة، و هي في صيارفة سوق البصرة.
بينه و بين راجز من أهل
المدينة:
و ذكر أحمد بن الحارث
الخرّاز عن المدائنيّ، قال: قدم البصرة راجز من أهل المدينة، فجلس إلى حلقة فيها
الشعراء، فقال: أنا أرجز العرب، أنا الّذي أقول:
وددت أني راميت من أحبّ في
الرجز يدا بيد، و اللّه لأنا أرجز من العجاج، فليت البصرة جمعت بيني و بينه، قال:
و العجاج حاضر و ابنه رؤبة معه، فأقبل رؤبة على أبيه فقال: قد أنصفك الرجل، فأقبل
عليه العجاج و قال:
ها أنا ذا العجاج، فهلم! و
زحف إليه، فقال: و أيّ العجّاجين أنت؟ قال: ما خلتك تعني غيري، أنا عبد اللّه
الطويل- و كان يكني بذلك- فقال له المدنيّ: ما عنيتك و لا أردتك، فقال: و كيف و قد
هتفت بي؟ قال: و ما في الدنيا عجاج سواك؟ قال: ما علمت، قال: لكني أعلم، و إياه
عنيت. قال: فهذا ابني رؤبة، فقال: اللهم غفرا، ما بيني و بينكما عمل: و إنما مرادي
غيركما، فضحك أهل الحلقة منه، و كفّا عنه.