ثم شربت من مرقه شربة لم
تزل لها ذفرياي [1] ترشحان؛ حتى رجعنا إلى حجر [2].
فكان أول من لقينا من
الشعراء جريرا، فاستعهدنا ألا نعين عليه. فكان أول/ من أذن له من الشعراء أبي ثم
أنا، فأقبل الوليد على جرير فقال له: ويلك! أ لا تكون مثل هذين؟ عقدا الشّفاه عن
أعراض الناس، فقال: إني أظلم فلا أصبر [3].
ثم لقينا بعد ذلك جرير
فقال: يا بني أمّ العجّاج، و اللّه لئن وضعت كلكلي عليكما ما أغنت عنكما
مقطّعاتكما، فقلنا: لا و اللّه ما بلغه عنا شيء، و لكنه حسدنا لما أذن لنا قبله،
و استنشدنا قبله.
يتوعد جرير أباه فيعتذر
إليه:
و قد أخبرني ببعض هذا
الخبر الحسن بن عليّ، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدّثني أحمد ابن
الحارث الخرّاز عن المدائنيّ، قال: قال روح بن فلان الكلبيّ:
كنت عند عبد الملك بن بشر
بن مروان فدخل جرير، فلما رأى العجاج أقبل عليه ثم قال له: و اللّه لئن سهرت لك
ليلة ليقلّن عنك نفع مقطعاتك هذه، فقال العجاج: يا أبا حزرة، و اللّه ما فعلت ما
بلغك، و جعل يعتذر و يحلف و يخضع؛ فلما خرج قال له رجل: لشدّ ما اعتذرت إلى جرير،
قال: و اللّه لو علمت أنه لا ينفعني إلّا السّلاح لسلحت.
ليس في شعره و لا شعر
أبيه حرف مدغم:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز
الجوهريّ، قال: حدثنا عمر بن شبّة، عن أحمد بن معاوية عن الأصمعيّ، عن سليمان بن
أخضر، عن ابن عون، قال: ما شبّهت لهجة الحسن البصريّ إلّا بلهجة رؤبة، و لم يوجد
له و لا لأبيه في شعرهما حرف مدغم قطّ.
هو و أبوه أشعر الناس
عند يونس بن حبيب:
أخبرني محمد بن الحسن بن
دريد، قال: أخبرني عبد الرحمن بن أخي الأصمعيّ عن عمه، قال: قيل ليونس:
من أشعر الناس، قال:
العجاج و رؤبة، فقيل له لم [4]/ و لم نعن الرّجاز؟ فقال: هما [5] أشعر من أهل
القصيد [6]، إنما الشعر كلام: فأجوده أشعره، قد قال العجاج:
قد جبر الدّين الإله
فجبر
و هي نحو من مائتي بيت
موقوفة القوافي و لو أطلقت قوافيها كانت كلها منصوبة، و كذلك عامة أراجيزهما.
يقعد اللغويون إليه يوم
الجمعة:
أخبرني أبو خليفة في كتابه
إليّ عن محمد بن سلّام: عن أبي زيد الأنصاريّ و الحكم بن قنبر: قالا:
[1]
ذفرياي: مثنى ذفري، بكسر فسكون ففتح،
و هو العظم الشاخص خلف الأذن.