حدّثني ابن عمار، قال:
حدثنا سعيد بن يحيى الأمويّ، و أخبرنا به وكيع عن إسماعيل بن إسحاق، عن سعيد بن
يحيى الأمويّ، قال: حدّثني المحبر بن قحذم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال:
لما قدم القاسم بن محمد بن
أبي بكر و أخته من مصر- و أخبرني بهذا الخبر محمد بن أبي الأزهر، قال:
حدثنا حماد بن إسحاق عن
أبيه، عن الهيثم بن عديّ، عن عوانة، قال: كان القاسم بن محمد بن أبي بكر يحدث،
قال:
لما قتل معاوية بن حديج
الكنديّ و عمرو بن العاص أبي- يعني محمد بن أبي بكر بمصر- جاء عمي عبد الرحمن بن
أبي بكر فاحتملني و أختا لي من مصر. و قد جمعت الروايتين و اللفظ لابن أبي الأزهر،
و خبره أتمّ قال.
فقدم بنا المدينة، فبعثت
إلينا عائشة، فاحتملتنا من منزل عبد الرحمن إليها، فما رأيت والدة قط، و لا والدا
أبرّ منها، فلم نزل في حجرها [2] حتى إذا كان ذات يوم و قد ترعرعنا ألبستنا ثيابا
بيضاء، ثم أجلست كل واحد منا [2] على فخذها، ثم بعثت إلى عمّي عبد الرحمن، فلما
دخل عليها تكلّمت فحمدت اللّه- عز و جلّ- و أثنت عليه. فما رأيت متكلّما و لا
متكلمة قبلها و لا بعدها أبلغ منها، ثم قالت:
يا أخي إني لم أزل أراك
معرضا عني منذ قبضت هذين الصبيّين منك، و و اللّه ما قبضتهما تطاولا عليك، و لا
تهمة لك فيهما، و لا لشيء تكرهه، و لكنك كنت رجلا ذا نساء، و كانا صبيين لا
يكفيان من أنفسهما شيئا، فخشيت أن يرى نساؤك منهما ما يتقذرن [3] به من قبيح أمر
الصبيان فكنت ألطف لذلك و أحقّ بولايته، فقد قويا/ على أنفسهما و شبا، و عرفا ما
يأتيان، فها هما هذان فضمّهما إليك، و كن لهما كحجيّة بن المضرب أخي كندة، فإنه
كان له أخ يقال له: معدان، فمات و ترك أصيبية [4] صغارا في حجر أخيه، فكان أبرّ
الناس بهم و أعطفهم عليهم، و كان يؤثرهم على صبيانه، فمكث بذلك ما شاء اللّه. ثم إنه
عرض له سفر لم يجد بدّا من الخروج فيه، فخرج و أوصى بهم امرأته، و كانت إحدى بنات
عمه، و كان يقال لها: زينب، فقال: اصنعي ببني أخي ما كنت أصنع بهم، ثم مضى لوجهه
أشهرا، ثم رجع و قد ساءت حال الصبيان و تغيّرت، فقال لامرأته: ويلك! ما لي أرى بني
معدان مهازيل، و أرى بنيّ سمانا؟ قالت: قد كنت أواسي بينهم، و لكنّهم كانوا يعبثون
و يلعبون، فخلا بالصبيان فقال: كيف كانت
[1]
لم ترد هذه الترجمة في طبعة بولاق، و
جاءت في ملحق برنو و موضعها هنا في المخطوطات المعتمدة.