قل للأمير الّذي يرجو نوافله
من جاء طالبا للخير منتابا [1]
إني صحبتك دهرا كلّ ذاك أرى
من دون خيرك حجّابا و أبوابا
و كم ضريك [2] أجاءته شقاوته
إليك إذا أنشبت ضراؤها نابا
فما فتحت له بابا لميسرة
و لا سددت له من فاقة بابا
كغائب شاهد يخفى عليك كما
من غاب عنك فوافى حظّه غابا
فلما قرأها قال: جفونا أبا محمد؛ و أحوجناه إلى استبطائنا. و اللّه المستعان، و بعث إليه بصلة.
يعبث به خلف الأحمر في قصيدة نسبه فيها إلى اللواط:
أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ أبو دلف قال: حدّثني محمد بن عبد الرحمن بن الفهم، و كان من أصحاب الأصمعيّ، قال:
كان خلف الأحمر يعبث بأبي محمد اليزيديّ عبثا شديدا، و ربما جدّ فيه و أخرجه مخرج المزح، فقال فيه ينسبه إلى اللّواط:
إني و من وسج [3] المطيّ له
حدب الذرى أذقانها رجف [4]
/ يطرحن بالبيد السّحال [5] إذا
حثّ النجاء الركب و ازدهفوا [6]
و المحرمين لصوتهم زجل
بفناء كعبته إذا هتفوا
و إذا قطعن مساف مهمهة
قذف [7] تعرّض دونها شرف
وافت بهم خوص [8] محزّمة
مثل القسيّ ضوامر شسف [9]
منّي إليه غير ذي كذب
ما إن رأى قوم و لا عرفوا
في غابر الناس الذين بقوا
و الفرّط [10] الماضين إذ سلفوا
أحدا كيحيى في الطعان إذا اف
ترش [11] القنا و تضعضع الحجف [12]
[1] منتابا: وصف من انتاب الرجل القوم انتيابا، إذا قصدهم و أتاهم مرة بعد مرة.
[2] الضريك: الفقير السيئ الحال.
[3] وسج: الوسج و الوسيج ضرب من سير الإبل سريع.
[4] رجف: مضطربة.
[5] السحال، ككتاب: اللجام.
[6] ازدهف: خف و عجل، و ازدهفه: استعجله.
[7] قذف: بعيدة.
[8] خوص: غائرات العيون في الرءوس، واحده أخوص و خوصاء.
[9] شسف: يابسة من الضمر و الهزال. شسف، كنصر و كرم.
[10] الفرط: السابقون.
[11] افترش القنا: وقع بعضها على بعض عند الطعان.
[12] الجحف: التروس، و قيل من الجلود خاصة. و في مي، هد، مل «و تقعقع الجحف».