ثم قال لي يحيى: فينبغي يا
أبا محمد أن نؤثر الدّين على ما سواه، فقلت له: قد أصبت من أرضاه، و ذكرت له الحسن
بن المسوّر، فضمه إليه ثم سألني: من أين أقبلت؟ فأخبرته بخبر عاصم و ما كان منه،
فقلت له: قد حضر هذا المسير، و لست أدري من أي وجه أتقاضاه؟ فضحك و قال: و لم لا
تدري؟ الق صديقك جعفرا، يعني ابنه، حتى يكلم أمير المؤمنين أو يذكرني حاجتك، فقد
تركته على المضي الساعة، فاثنيت إلى جعفر و قلت له في طريقي:
/ فلما دخلت إليه أخبرته الخبر، و أنشدته الأبيات، و
أعلمته ما أمرني به أبوه، فقال لي: قل بيتين تذكره فيهما إلى أن أجدّد طهرا و
اكتبهما حتى يكونا معي، فأذكر بهما حاجتك، فقلت: نعم يا سيدي، و أخذت الدواة و
كتبت:
أحقّ من أنجز موعوده
خليفة اللّه على خلقه
و من له إرث نبيّ
الهدى
بالحق لا يدفع عن حقه
/ ينسب في الهدي إلى هديه
برّا و في الصدق إلى صدقه
و من له الطاعة
مفروضة
لائحة بالوحي في رقّه
و الراتق الفتق
العظيم الّذي
لا يقدر الناس على رتقه
يهجو الغساني لأنه لم
يعنه على تعجيل المال:
قال: فأخذ الشعر، و مضى
إلى الرشيد في حاجتي و أقرأه إياه، فصكّ إليّ بالمال عليه، و قبضته بعد ذلك بيوم،
و أنشأت أقول في الغسّانيّ: