لما ولّى أحمد بن أبي خالد الوزارة في أيام المأمون قال دعبل بن علي يهجوه:
و كان أبو خالد مرّة
إذا بات متّخما عاقدا [1]
يضيق بأولاده بطنه
فيخراهم واحدا واحدا
فقد ملأ الأرض من سلحه
خنافس لا تشبه الوالدا
يهرب من المعتصم و يهجوه:
أخبرني الحسن بن عليّ قال: حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدثنا أبو ناجية قال:
كان المعتصم يبغض دعبلا لطول لسانه، و بلغ دعبلا أنه يريد اغتياله و قتله، فهرب إلى الجبل، و قال يهجوه:
بكى لشتات الدّين مكتئب صبّ
و فاض بفرط الدمع من عينه غرب [2]
و قام إمام لم يكن ذا هداية
فليس له دين و ليس له لبّ
و ما كانت الآباء [3] تأتي بمثله
يملّك يوما أو تدين له العرب
و لكن كما قال الذين تتابعوا
من السلف الماضين إذ عظم الخطب:
ملوك بني العباس في الكتب سبعة
و لم تأتنا عن [4] ثامن لهم كتب
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة
خيار إذا عدّوا و ثامنهم كلب
و إني لأعلي كلبهم عنك رفعة
لأنك ذو ذنب و ليس له ذنب
لقد ضاع ملك الناس إذ ساس ملكهم
وصيف [5] و أشناس و قد عظم الكرب
و فضل بن مروان يثلّم [6] ثلمة
يظل لها الإسلام ليس له شعب [7]
يعارض محمد بن عبد الملك الزيات في رثائه للمعتصم:
أخبرني عمي قال حدّثني ميمون بن هارون قال:
لما مات المعتصم قال محمد بن عبد الملك الزيات يرثيه:
قد قلت إذ غيّبوه و انصرفوا
في خير قبر لخير مدفون
/ لن يجبر اللّه أمة فقدت
مثلك إلّا بمثل هارون
فقال دعبل يعارضه:
[1] و العاقد: الناقة الّتي أقرت باللقاح. و كان ابن أبي خالد معروفا بالشره. و في س «قاعدا»، تحريف.
[2] غرب: دلو عظيمة، و المراد هنا ماء كثير.
[3] كذا في م، أ. س، ب «الأنباء».
[4] كذا في س، ب. م، أ «في».
[5] وصيف و أشناس من الموالي الأتراك الذين اختارهم المعتصم قوادا في جيشه و حكاما في ملكه، فأفسدوا أمور الدولة و كانوا من عوامل القضاء عليها.
[6] كذا في أ، مد. و في س «يسلم»، و هو تحريف.
[7] شعب: إصلاح.