كان أبو عيينة بن محمد بن
أبي عيينة يهوى فاطمة بنت عمر بن حفص الملقّب هزار مرد، و كانت امرأة نبيلة شريفة،
و كان يخاف أهلها أن يذكرها تصريحا، و يرهب زوجها عيسى بن سليمان، فكان يقول الشعر
في جارية لها يقال لها: دنيا، و كانت قيّمة دارها، و والية أمورها كلّها. و أنشدنا
لابن أبي عيينة فيها، و يكنى باسم دنيا هذه:
أخبرني عليّ بن سليمان قال
حدّثني محمد بن يزيد قال:
كان أبو عيينة [2] من أطبع
الناس و أقربهم مأخذا، من غير أدب موصوف و لا رواية كثيرة، و كان يقرّب البعيد، و
يحذف الفضول، و يقلّ التكلف. و كان أصغر من أخيه عبد اللّه و مات قبله.
و قيل لعبد اللّه: أنت
أشعر أم أخوك؟ فقال: لو كان له علمي لكان أشعر منّي، و كان يتعشق فاطمة بنت عمر بن
حفص هزار مرد الّتي تزوّجها عليّ بن سليمان، و يسرّ عشقها، و يلقّبها دنيا كتمانا
لأمرها [3]. و كانت امرأة جليله [4] نبيلة سريه من النساء، و كان أبوها من أشدّ
الفرسان و شجعانهم، فذكر عيسى بن جعفر أن عيسى بن موسى قال للمهلّب بن المغيرة بن
المهلّب: أ كان يزيد بن خالد أشجع أم عمر بن حفص هزار مرد؟ فقال المهلّب: لم أشهد
من يزيد/ ما شهدته من عمر بن حفص، و ذلك أني رأيته يركض في طلب حمار وحشيّ حتى إذا
حازاه جمع جراميزه [5] و قفز،/ فصار على ظهره، فقمص الحمار، و جعل عمر بن حفص يحزّ
[6] معرفته إما بسيف و إما بسكين معه حتى قتله.
كان جنديا، و لم يكن
يهوى فاطمة بل جارية لها:
قال محمد بن يزيد: و حدّثت
عن محمد بن المهلّب أنه أنكر أن يكون أبو عيينة يهوى فاطمة، و قال: إنما كان
جنديّا في عداد الشّطّار [7]، و كانت فاطمة من أنبل النساء و أسراهنّ، و إنما كان
يتعشق جارية لها، و هذه الأبيات الّتي فيها الغناء من قصيدة له جيدة مشهورة من
شعره، يقولها في فاطمة هذه أو جاريتها، و يكنى عنها بدنيا، فمما اختير منها قوله: