/ قال أبو خالد يزيد بن محمد: و كان أبو نواس صادقا في
محبّة جنان من بين من كان ينسب به من النساء و يداعبه، و رأيت أصحابنا جميعا
يصحّحون ذاك عنه، و كان/ لها محبّا، و لم تكن تحبّه، فمما عاتبها به حتى استمالها
بصحّة حبه لها فصارت تحبه بعد نبوّها عنه قوله:
علقت من لو أتى على أنفس
الماضين و الغابرين ما ندما
لو نظرت عينه إلى حجر
ولّد فيه فتورها سقما
يسأل امرأة عنها فتخبره
أنها رحمته فيقول في ذلك شعرا:
أخبرني محمد بن جعفر
النحويّ صهر المبرّد قال: حدّثني محمد بن القاسم عن أبي هفّان عن الجمّاز، و
أخبرني محمد بن يحيى الصوليّ قال: حدّثني عون بن محمد قال: حدّثني الجمّاز قال:
كنت عند أبي نواس جالسا إذ
مرّت بنا امرأة ممن يداخل الثقفيين، فسألها عن جنان و ألحف [2] في المسألة و
استقصى، فأخبرته خبرها و قالت [3]: قد سمعتها تقول لصاحبة لها من غير أن تعلم أني
أسمع: ويحك! قد آذاني هذا الفتى، و أبرمني، و أحرج صدري، و ضيّق عليّ الطرق بحدة
نظره و تهتّكه؛ فقد لهج قلبي بذكره و الفكر فيه من كثرة فعله لذلك حتى رحمته، ثم
التفت فأمسكت عن الكلام؛ فسرّ أبو نواس بذلك، فلما قامت المرأة أنشأ يقول:
يا ذا الّذي عن جنان
ظلّ يخبرنا
باللّه قل و أعد يا طيّب الخبر
قال اشتكتك و قالت ما
ابتليت به
أراه من حيثما أقبلت في أثري
/ و يعمل الطرف نحوي إن مررت به
حتى ليخجلني من حدّة النظر
و إن وقفت له كيما
يكلّمني
في الموضع الخلو لم ينطق من الحصر
ما زال يفعل بي هذا و
يدمنه
حتى لقد صار من همّي و من وطري
يمر به القاضي و هو يكلم
امرأة فينصحه فيقول في ذلك شعرا:
أخبرني أحمد بن عبيد اللّه
بن عمّار قال: حدّثني عليّ بن محمد النّوفليّ و أحمد بن سليمان بن أبي شيخ قالا:
قال ابن عائشة: و أخبرني
الحسن بن عليّ و ابن عمّار عن الغلابيّ عن ابن عائشة: قال ابن عمّار: و حدّثت به
عن الجمّاز، و ذكره لي محمد بن داود الجرّاح عن إسحاق النخعيّ عن أحمد بن عمير: