قال: فبكى هارون الرشيد
بكاء اتسع فيه حتى لو كانت بين يديه سكرّجة [1] لملأها من دموعه.
يجيز شعرا للأمين:
أخبرني محمد بن يحيى قال حدثنا
أبو العيناء قال حدثنا محمد بن عمر قال:
خرج كوثر خادم محمد الأمين
ليرى الحرب، فأصابته رجمة في وجهه، فجلس يبكي، فوجّه محمد من جاءه به، و جعل يمسح
الدم عن وجهه، و قال:
ضربوا قرة عيني
و من أجلي ضربوه
أخذ اللّه لقلبي
من أناس أحرقوه
/ قال: و أراد زيادة في الأبيات فلم يواته، فقال للفضل
بن الربيع: من هاهنا من الشعراء، فقال:
الساعة رأيت عبد اللّه بن
أيوب التيميّ، فقال: عليّ به. فلما أدخل أنشده محمد هذين البيتين، و قال: أجزهما،
فقال:
ما لمن أهوى شبيه
فبه الدنيا تتيه
وصله حلو و لكن
هجره مرّ كريه
من رأى الناس له الفض
ل عليهم حسدوه
مثل ما قد حسد القا
ئم بالملك أخوه
فقال محمد: أحسنت، هذا و
اللّه خير مما أردنا، بحياتي عليك يا عباسي [2] إلّا نظرت، فإن جاء على الظّهر
ملأت أحمال ظهره دراهم، و إن كان جاء في زورق ملأته. فأوقرت له ثلاثة أبغل دراهم.