فقلت له: ما ذهب على النحو
الّذي نحوته يا أبا الحسن، و قد قاربته و ما بلغته. فقال: و ما هو؟ فقلت: أردت قول
الخريمي [2] في مرثيته أبا الهيذام:
/
و أعددته ذخرا لكل ملمة
و سهم المنايا بالذخائر مولع
/ فقال: صدقت و اللّه، أما و اللّه لقد نحوته و أنا لا
أطمع في اللّحاق به، لا و اللّه و لا امرؤ القيس لو طلبه و أراده ما كان يطمع أن
يقاربه في هذه القصيدة.
هربه من المأمون و قد
طلبه لتفضيله أبا دلف عليه و على آله:
أخبرني عمي قال: حدثنا
أحمد بن أبي طاهر قال: حدّثني ابن أبي حرب الزعفرانيّ، قال:
لما بلغ المأمون قول عليّ
بن جبلة لأبي دلف:
كلّ من في الأرض من
عرب
بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمة
يكتسيها يوم مفتخره
غضب من ذلك، و قال: اطلبوه
حيث كان، فطلب فلم يقدر عليه، و ذلك أنه كان بالجبل، فلما اتصل به الخبر هرب إلى
الجزيرة، و قد كانوا كتبوا إلى الآفاق في طلبه، فهرب من الجزيرة أيضا، و توسط
الشام فظفروا به، فأخذوه، و حملوه إلى المأمون، فلما صار إليه قال له: يا بن
اللّخناء [3]، أنت القائل للقاسم بن عيسى:
كلّ من في الأرض من
عرب
بين باديه إلى حضره
مستعير منك مكرمة
يكتسيها يوم مفتخره
جعلتنا ممن يستعير المكارم
منه! فقال له: يا أمير المؤمنين، أنتم أهل بيت لا يقاس بكم أحد، لأن اللّه جل و
عزّ فضلكم على خلقه، و اختاركم لنفسه. و إنما عنيت بقولي في القاسم أشكال القاسم و
أقرانه، فقال: و اللّه ما استثنيت أحدا عن الكلّ، سلّوا لسانه من قفاه.
أمر المأمون أن يسل
لسانه لكفره في شعره:
أخبرني الحسن بن عليّ قال:
حدثنا محمد بن موسى قال: و حدّثني أحمد بن أبي فنن: أن المأمون لما أدخل عليه عليّ
بن جبلة قال له: إني لست أستحلّ دمك لتفضيلك/ أبا دلف على العرب كلّها و إدخالك في
ذلك قريشا- و هم آل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و عترته- و لكني أستحلّه
بقولك في شعرك و كفرك حيث تقول القول الّذي أشركت فيه: