أخبرني الحسن بن عليّ قال:
حدثنا ابن مهرويه قال: حدّثني أحمد بن مروان قال: حدّثني أبو سعيد المخزوميّ قال:
دخلت على حميد الطوسيّ،
فأنشدته قصيدة مدحته بها و بين يديه رجل ضرير، فجعل لا يمرّ ببيت إلا قال:
أحسن قاتله اللّه! أحسن
ويحه! أحسن للّه أبوه! أحسن أيها الأمير. فأمر لي حميد ببدرة، فلما خرجت قام إليّ
البوابون، فقلت: كم أنتم؟ عرّفوني أولا من هذا المكفوف الّذي رأيته بين يدي
الأمير؟ فقالوا: عليّ بن جبلة العكوّك فارفضضت عرقا. و لو علمت أنه عليّ بن جبلة
لما جسرت على الإنشاد بين يديه.
لا يأذن له المأمون في
مدحه إلّا بشرط، فيختار الإقالة:
أخبرني الحسن بن عليّ قال:
حدثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال:
كلّم حميد الطوسيّ المأمون
في أن يدخل عليه عليّ بن جبلة، فيسمع منه مديحا مدحه به، فقال: و أيّ شيء يقوله
فيّ بعد قوله في أبي دلف:
إنما الدنيا أبو دلف
بين مغزاه و محتضره
فإذا ولّى أبو دلف
ولّت الدنيا على أثره
/ و بعد قوله فيك:
يا واحد العرب الّذي
عزّت بعزته العرب
أحسن أحواله أن يقول فيّ
مثل ما قاله في أبي دلف، فيجعلني نظيرا له. هذا إن قدر على ذلك و لم يقصر عنه،
فخيّروه بين أن أسمع منه، فإن كان مدحه إياي أفضل من مدحه أبا دلف وصلته، و إلا
ضربت عنقه أو قطعت لسانه، و بين أن أقيله و أعفيه من هذا و ذا. فخيّروه بذلك،
فاختار الإقالة.
يمدح حميد الطوسي بخير
من مدحه أبا دلف:
ثم مدح حميدا الطوسيّ،
فقال له:
و ما عساك أن تقول فيّ بعد
ما قلته في أبي دلف، فقال: قد قلت فيك خيرا من ذلك. قال: هات، فأنشده:
دجلة تسقي و أبو
غانم
يطعم من تسقي من النّاس
النّاس جسم و إمام
الهدى
رأس و أنت العين في الراس
فقال له حميد: قد أجدت، و
لكن ليس هذا مثل ذلك، و وصله.
يرثي حميدا الطوسي:
قال أحمد بن عبيد، ثم مات
حميد الطوسي، فرثاه عليّ بن جبلة، فلقيته، فقلت له: أنشدني مرثيتك حميدا، فأنشدني: