هو عليّ بن جبلة بن عبد
اللّه الأبناويّ[1]، و يكنى أبا الحسن، و يلقب بالعكوّك، من أبناء الشيعة
الخراسانية من أهل بغداد، و بها نشأ، و ولد بالحربيّة [2] من الجانب الغربيّ. و
كان ضريرا، فذكر عطاء الملط أنه كان أكمه، و هو الّذي يولد ضريرا، و زعم أهله أنه
عمي بعد أن نشأ.
استنفد شعره في مدح أبي
دلف و حميد الطوسي:
و هو شاعر مطبوع، عذب
اللفظ جزله، لطيف العاني، مدّاح حسن التصرف. و استنفد شعره في مدح أبي دلف القاسم
بن عيسى العجلي، و أبي غانم حميد بن عبد الحميد الطّوسيّ، و زاد في تفضيلهما و
تفضيل أبي دلف خاصة حتى فضّل من أجله ربيعة على مضر، و جاوز/ الحد في ذلك. فيقال:
إن المأمون طلبه حتى ظفر به، فسلّ لسانه من قفاه، و يقال: بل هرب، و لم يزل
متواريا منه حتى مات و لم يقدر عليه؛ و هذا هو الصحيح من القولين، و الآخر شاذ.
نشأته و تربيته:
أخبرني أحمد بن عبيد اللّه
بن عمار الثقفيّ قال: حدّثني الحسين بن عبد اللّه بن جبلة بن عليّ بن جبلة قال:
كان لجدّي أولاد، و كان
عليّ أصغرهم، و كان الشيخ يرقّ عليه، فجدر، فذهبت إحدى عينه في الجدريّ، ثم نشأ
فأسلم في الكتّاب، فحذق بعض ما يحذقه الصبيان، فحمل على دابّة و نثر عليه اللّوز،
فوقعت على عينيه الصحيحة لوزة فذهبت، فقال الشيخ لولده: أنتم لكم أرزاق من
السلطان، فإن أعنتموني على هذا الصبيّ،/ و إلّا صرفت بعض أرزاقكم إليه. فقلنا: و
ما تريد؟ قال: تختلفون به إلى مجالس الأدب
يقصد أبا دلف: و يمدحه
فيتهم بانتحال القصيدة فيطلب أن يمتحن:
قال: فكنا نأتي به مجالس
العلم و نتشاغل نحن بما يلعب به الصبيان، فما أتى عليه الحول حتى برع، و حتى كان
العالم إذا رآه قال لمن حوله: أوسعوا للبغويّ [3] و كان ذكيا مطبوعا، فقال الشعر،
و بلغه أنّ الناس يقصدون أبا دلف لجوده و ما كان يعطي الشعراء، فقصده- و كان يسمّى
العكوّك- فامتدحه بقصيدته الّتي أولها: