responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 2  صفحه : 600

إنّما/ كنت أستلذّ مكّة و أعيش بها مع أبيك و نحوه، و قد أوطنت [1] هذا المكان و لست تاركه ما عشت؛ قلنا له: فغنّنا بشي‌ء من غنائك فتأبّى، ثم أقسمنا عليه فأجاب، و عمدنا إلى شاة فذبحناها و خرطنا من مصرانها أوتارا، فشدّها على عوده و اندفع فغنّى في شعر زهير:

جرى دمعي فهيّج لي شجونا

فقلبي يستجنّ [2] به جنونا [3]

فما سمعنا شيئا أحسن منه؛ فقلنا [4] له: ارجع إلى مكّة، فكلّ من بها يشتاقك. و لم نزل نرغّبه في ذلك حتى أجاب إليه. و مضينا لحاجتنا ثم عدنا فوجدناه عليلا، فقلنا: ما قصّتك؟ قال: جاءني منذ ليال قوم، و قد كنت أغنّي في الليل، فقالوا: غنّنا؛ فأنكرتهم و خفتهم، فجعلت أغنّيهم، فقال لي بعضهم غنّني:

لقد حثّوا الجمال ليه

ربوا منّا فلم يئلوا [5]

ففعلت، فقام إليّ [هن‌] [6] منهم أزبّ [7] فقال لي: أحسنت و اللّه! و دقّ رأسي، حتى سقطت لا أدري أين أنا، فأفقت بعد ثالثة و أنا عليل كما ترى، و لا أراني إلا سأموت. قال: فأقمنا عنده بقيّة يومنا و مات من غد فدفنّاه و انصرفنا.

أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبّة عن أبي غسّان قال:

زعم المكّيّون أنّ الغريض خرج إلى بلاد عكّ [8] فغنّى ليلا:

هم ركب لقوا ركبا

كما قد تجمع السّبل‌

/ فصاح به صائح: أكفف يا أبا مروان، فقد سفّهت حلماءنا، و أصبيت [9] سفهاءنا، قال: فأصبح ميّتا.

رواية أخرى في وفاته‌

أخبرني إسماعيل بن يونس قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني محمد بن الخطّاب قال حدّثنا رجل من آل أبي قبيل- يقال له محرز- عن أبي قبيل قال: رأيت الغريض، و قال إسحاق في خبره المذكور: حدّثني محمد بن سلّام عن أبي قبيل- و هو مولى لآل الغريض- قال:

شهدت مجمعا لآل الغريض إما [10] عرسا أو ختانا، فقيل له: تغنّ؛ فقال: هو ابن زانية إن فعل؛ فقال له بعض مواليه: فأنت و اللّه كذلك! قال: أ و كذلك أنا؟ قال: نعم، قال: أنت أعلم بي و اللّه! ثم أخذ الدّفّ فرمى به و تمشّى مشية لم أر أحسن منها، ثم تغنّى:


[1] أي اتخذته وطنا.

[2] كذا في أغلب الأصول و هامش ط. و استجن به (بالبناء للمفعول): صار به مجنونا. و في ط: «يستحنّ به» بالحاء المهملة.

[3] كذا في ب، س، ح. و هامش أ. و في‌ء ح، أ، م: «حنينا».

[4] كذا في ح و في باقي الأصول: «فقلت».

[5] لم يئلوا: لم يجدوا موئلا و ملجأ يعتصمون به.

[6] زيادة في ط، و الهن: اسم يكنى به عن الشخص و جمعه «هنون» و في حديث الجن: «فإذا هو بهنين كأنهم الزط».

[7] الأزب: الكثير الشعر.

[8] عك: قبيلة، و البلاد التي تضاف إليها: مخلاف باليمن.

[9] كذا في ط و أصبيت: دعوت إلى الصبا. و في باقي النسخ: «أصبت».

[10] كذا في جميع الأصول، و لا بدّ من تكرار إما، و قد يستغنى عن إما الثانية بذكر ما يغني عنها نحو: إما أن تتكلم بخير و إلا فاسكت، و نحو قراءة أبيّ في قوله تعالى: (وَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى‌ هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).[11]

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 2  صفحه : 600
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست