تولية أهل
الحيرة زيدا أبا عديّ على الحيرة و ابقاء اسم الملك للمنذر
قال: و فسد أمر
الحيرة و عديّ بدمشق حتى أصلح أبوه بينهم، لأن أهل الحيرة حين كان عليهم المنذر
أرادوا قتله لأنه كان لا يعدل فيهم، و كان يأخذ من أموالهم ما يعجبه، فلما تيقّن
أن أهل الحيرة قد أجمعوا على قتله بعث إلى زيد بن حماد بن زيد بن أيوب، و كان قبله
على الحيرة، فقال له: يا زيد أنت خليفة أبي، و قد بلغني ما أجمع عليه أهل الحيرة
فلا حاجة لي في ملككم، دونكموه ملّكوه من شئتم؛ فقال له زيد: إنّ الأمر ليس إليّ،
و لكنّي أسبر [6] لك هذا الأمر و لا آلوك نصحا، فلما أصبح غدا إليه الناس فحيّوه
تحيّة الملك، و قالوا له: أ لا تبعث إلى عبدك الظالم- يعنون المنذر- فتريح منه
رعيّتك؟ فقال لهم: أ و لا خير من ذلك! قالوا: أشر علينا؛ قال: تدعونه على حاله
فإنه من أهل بيت ملك، و أنا آتيه فأخبره أنّ أهل الحيرة قد اختاروا رجلا يكون أمر
الحيرة إليه إلا أن يكون غزو أو قتال،/ فلك اسم الملك و ليس إليك سوى ذلك من
الأمور؛ قالوا: رأيك أفضل. فأتى المنذر فأخبره بما قالوا؛ فقبل ذلك و فرح، و قال:
إنّ لك يا زيد عليّ نعمة لا أكفرها ما عرفت حقّ سبد [7]- و سبد صنم كان لأهل
الحيرة- فولّى أهل الحيرة زيدا على كل شيء سوى اسم الملك فإنهم أقرّوه للمنذر. و في
ذلك يقول عديّ:
[7] لم نجد
اسم هذا الصنم في «كتاب الأصنام» لابن الكلبيّ و لا في «كتب اللغة» التي بين
أيدينا. و قد اطلعنا على مقالة للأب انستانس الكرملي نشرت في صحيفة دار السلام
البغدادية في عدد تشرين الثاني سنة 1919 م و أورد صاحب المقالة المذكورة كلام
«الأغاني» هذا و قال فيه: «و لعله مصريّ الأصل إذ كان عند أبناء وادي النيل إله
يعرف باسم (سوبدو)».
[8] الإصار:
الطنب و هو حبل الخباء و السرادق و نحوهما.