/ رأى
الرّشيد فيما يرى النّائم كأنّ امرأة وقفت عليه و أخذت كفّ تراب ثم قالت له: هذه
تربتك عن قليل، فأصبح فزعا، و قصّ رؤياه، فقال له أصحابه: و ما هذا؟ قد يرى النّاس
أكثر ممّا رأيت و أغلظ ثم لا يضرّ. فركب و قال: و اللّه إنّي لأرى الأمر قد قرب،
فبينا هو يسير إذ نظر إلى امرأة واقفة من وراء شبّاك حديد تنظر إليه، فقال:
هذه و اللّه المرأة التي
رأيتها، و لو رأيتها بين ألف امرأة [2] ما خفيت عليّ،/ ثم أمرها أن تأخذ كفّ تراب
فتدفعه إليه، فضربت بيدها إلى الأرض التي كانت عليها فأعطته منها كفّ تراب، فبكى
ثم قال: هذه و اللّه التّربة التي أريتها، و هذه المرأة بعينها. ثم مات بعد مدّة،
فدفن في ذلك الموضع بعينه، اشتري له و دفن فيه، و أتى نعيه بغداد، فقال أشجع
يرثيه:
غربت بالمشرق الشّمس فقل
للعين تدمع
ما رأينا قطّ شمسا
غربت من حيق تطلع
يتغزل في جارية حرب
الثقفي و يذمه
أخبرني عمّي، قال: حدّثنا
محمد بن موسى، قال: حدّثنا عبد اللّه بن أبي سعد، قال: حدثني محمد بن عبد اللّه بن
مالك، قال:
كان حرب بن عمرو الثّقفيّ
نخّاسا، و كانت له جارية مغنّية، و كان الشعراء و الكتّاب و أهل الأدب ببغداد
يختلفون إليها يسمعونها، و ينفقون في منزله النّفقات الواسعة، و يبرّونه و يهدون
إليه، فقال أشجع: