responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 18  صفحه : 418

فحدّثني شيخ من مشايخ المطّوّعة و ملازمي الثّغور يقال له عليّ بن عبد اللّه، قال: حدّثني جماعة أنّ الرّشيد لما حصر أهل هرقلة و غمهم و ألحّ بالمجانيق و السهام و العرّادات [1] فتح الباب [2] فاستشرف المسلمون لذلك [2] فإذا برجل من أهلها كأكمل [3] الرّجال قد خرج في أكمل السلاح، فنادى: قد طالت مواقعتكم إيانا فليبرز إليّ منكم رجلان، ثم لم يزل يزيد حتى بلغ عشرين رجلا، فلم يجبه أحد، فدخل و أغلق باب الحصن و كان الرّشيد نائما فلم يعلم بخبره، إلا بعد انصرافه، فغضب و لام خدمه و غلمانه على تركهم إنباهه، و تأسف لفوته، فقيل له: إنّ امتناع الناس منه سيغويه و يطغيه، و أحر به أن يخرج في غد فيطلب مثل/ ما طلب، فطالت على الرّشيد ليلته و أصبح كالمنتظر له، ثم إذا هو بالباب قد فتح و خرج طالبا للمبارزة، و ذلك في يوم شديد الحرّ، و جعل يدعو بأنه يثبت لعشرين منهم، فقال الرّشيد: من له؟ فابتدره جلّة القوّاد كهرثمة، و يزيد بن مزيد، و عبد اللّه بن مالك، و خزيمة بن حازم، و أخيه عبد اللّه، و داود بن يزيد، و أخيه، فعزم على إخراج بعضهم، فضجّت المطّوّعة حتى سمع ضجيجهم، فأذن لعشرين منهم، فاستأذنوه في المشورة فأذن لهم، فقال قائلهم: يا أمير المؤمنين، قوّادك مشهورون بالبأس و النّجدة و علوّ الصوت و مداوسة [4] الحروب، و متى خرج واحد منهم فقتل هذا العلج [5] لم يكبر ذلك، و إن قتله العلج كانت وضيعة [6] على العسكر عجيبة و ثلمة لا تسدّ، و نحن عامّة لم يرتفع لأحد منا صوت إلا كما يصلح للعامّة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يخلّينا نختار رجلا فنخرجه إليه، فإن ظفر علم أهل الحصن/ أنّ أمير المؤمنين قد ظفر بأعزّهم على يد رجل من العامّة، و من أفناء الناس ليس ممن يوهن قتله و لا يؤثّر، و إن قتل الرّجل فإنما استشهد رجل و لم يؤثّر ذهابه في العسكر و لم يثلمه، و خرج إليه رجل بعده مثله حتى يقضي اللّه ما شاء [7]، قال الرّشيد: قد استصوبت رأيكم هذا. فاختاروا رجلا منهم يعرف بابن الجزريّ، و كان معروفا في الثّغر بالبأس و النجدة، فقال الرشيد: أ تخرج؟ قال: نعم، و أستعين اللّه، فقال: أعطوه فرسا و رمحا و سيفا و ترسا، فقال: يا أمير المؤمنين! أنا بفرسي أوثق، و رمحي بيدي أشدّ [8]، و لكني قد قبلت السيف و التّرس، فلبس سلاحه و استدناه الرّشيد فودّعه، و استتبعه [9] الدّعاء، و خرج معه عشرون رجلا من المطّوّعة، فلما انقضّ في الوادي قال لهم العلج و هو يعدّهم واحدا واحدا: إنما كان الشّرط عشرين و قد زدتم رجلا، و لكن لا بأس، فنادوه: ليس يخرج إليك منا إلا رجل واحد، فلما فصل/ منهم ابن الجزريّ تأمّله الرّوميّ و قد أشرف أكثر الرّوم من الحصن يتأمّلون صاحبهم و القرن حتى ظنّوا أنه لم يبق في الحصن أحد إلا أشرف، فقال الرّوميّ: أ تصدقني، عما أستخبرك [10]؟ قال: نعم، فقال:

أنت باللّه ابن الجزري؟ قال: اللهم نعم، فكفّر له [11]، ثم أخذ في شأنهما فاطّعنا حتى طال الأمر بينهما، و كاد


[1] العرادات: جمع عرادة، و هي آلة من آلات الحرب؛ منجنيق صغير.

(2- 2) زيادة من ف.

[3] ف «كأجمل الرجال».

[4] مداوسة الحروب: المران عليها و تذليلها. و في ف «مدارسة».

[5] العلج: الرجل الضخم من كفار العجم.

[6] الوضيعة: الحطيطة. و في ف «كانت وصمة على العسكر قبيحة».

[7] ب «يمضي إليه ما شاء».

[8] ف «أسد».

[9] ف «و أتبعه».

[10] في مد «فيما أستخبرك». و في ب «عم استنخبوك».

[11] كفر له: انحنى و وضع يده على صدره و طأطأ رأسه كالركوع تعظيما له.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 18  صفحه : 418
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست