أخبرني أحمد بن العبّاس
العسكري قال حدّثنا الحسن بن عليل العنزي قال حدّثني دماذ عن أبي عبيدة قال، قال
الأحنف:
/ ما
تعلّمت الحلم إلّا من قيس بن عاصم المنقريّ، فقيل له: و كيف ذلك يا أبا بحر؟ فقال:
قتل ابن أخ له ابنا له فأتى بابن أخيه مكتوفا يقاد إليه، فقال: ذعرتم الفتى. ثم
أقبل عليه فقال: يا بنيّ، نقصت عددك، و أوهيت [1] ركنك، و فتتّ في عضدك، و أشمتّ
عدوّك، و أسأت بقومك. خلّوا سبيله، و احملوا إلى أم المقتول ديته، قال: فانصرف
القاتل و ما حلّ قيس حبوته [2]، و لا تغير وجهه [3].
وفود قيس على الرسول
عليه السّلام
أخبرني عبيد اللّه الرازيّ
قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخراز عن المدائنيّ عن ابن جعدبة و أبي اليقظان قالا:
و قد قيس بن عاصم على رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال النبيّ عليه الصلاة و السّلام: «هذا سيّد أهل الوبر».
قصته مع تاجر خمار
أخبرني محمّد بن الحسن بن
دريد قال حدّثنا أبو حاتم عن أبي حاتم قال:
جاور داريّ [4] كان يتّجر
في أرض العرب قيس بن عاصم، فشرب قيس ليلة حتى سكر، فربط الداريّ و أخذ ماله، و شرب
من شرابه فازداد سكرا، و جعل من السكر يتطاول و يثاور [5] النجوم ليبلغها و
ليتناول القمر، و قال:
ثم قسم صدقة النبيّ صلّى
اللّه عليه و سلّم في قومه و قال:
[1]
و هي الحائط: ضعف و هم بالسقوط، و
أوهاه هو. فت في عضده: أضعفه.
[2]
احتبى: جمع بين ظهره و ساقيه بعمامة و
نحوها، و الاسم الحبوة (يفتح و يضم).
[3]
الخبر في «أمالي السيد المرتضى» 1: 76. و جاء في «مجمع الأمثال للميداني» 1:
148 و «العقد الفريد» 1: 177 «قيل للأحنف بن قيس: ممن
تعلمت الحلم؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري، حضرته يوما قاعدا بفناء داره، محتبيا
بحمائل سيفه يحدّثنا، إذ جاءوا بابن له قتيل و ابن عم له كتيف، فقالوا: هذا ابن
أخيك قتل ابنك، فو اللّه ما حل حبوته و لا قطع كلامه، حتى إذا فرغ من الحديث التفت
إلى ابن أخيه و قال له: يا ابن أخي، أثمت بربك، و رميت نفسك بسهمك، و قتلت ابن
عمك. ثم قال لابن له آخر: يا بني قم إلى ابن عمك فأطلقه، و إلى أخيك فادفنه، و إلى
أم القتيل فأعطها مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة لعلها تسلو عنه، ثم أنشأ يقول:
إني امرؤ لا يتعري
خلقي
دنس يهجّنه و لا أفن
من منقر من بيت مكرمة
و الغصن ينبت حوله الغصن
خطباء حين يقوم
قائلهم
بيض الوجوه مصانع لسن
لا يفطنون لعيب
جارهم
و هم لحفظ جواره فطن
[4]
داريّ: من الداريين، و هم بنو الدار
بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم بن عدي، ينتهي نسبهم إلى كهلان بن سبأ بن يشجب بن
يعرب بن قحطان.
[6]
العثنون من اللحية: ما نبت على الذقن
و تحته سفلا. و أجمال: جمع جمل. جاء في «الكامل» للمبرد 1: 280 «قال ذلك لأن ذنب البعير يضرب إلى الصهبة و فيه استواء و
هو يشبه اللحية».