و
كان فيمن أتاهم من العراق من بكر بن وائل عبيد اللّه بن زياد بن ظبيان، و رهصة بن
النعمان بن سويد بن خالد من بني أسعد [1] بن همّام، فلذلك تحامل المصعب بن الزبير
على أبان بن زياد أخي عبيد اللّه بن زياد فقتله. و في هذا السبب كانت فرقة عبيد
اللّه لمصعب، و جمعت تغلب فأكثرت فلما أتى عميرا كثرة من أتى من بني تغلب و أبطأ
عنه أصحابه قال يستبطئهم:
ثم زحف
العسكران، فأتت قيس و تغلب الثرثار، بين رأس الأثيل و الكحيل، فشاهدوا القتال يوم
الخميس.
و كان شعيب بن
مليل و ثعلبة بن نياط التغلبيان قدما في ألفي فارس في الحديد، فعبروا على قرية
يقال لها لبّى [3] على شاطئ دجلة بين تكريت و بين الموصل، ثم توجهوا إلى الثرثار،
فنظر شعيب إلى دواخن [4] قيس، فقال لثعلبة بن نياط: سر بنا إليهم، فقال له: الرأي
أن نسير إلى جماعة قومنا فيكون مقاتلنا واحدا، فقال شعيب: و اللّه لا تحدّث تغلب
أني نظرت إلى دواخنهم ثم انصرفت عنهم، فأرسل ناسا من أصحابه قدّامه و عمير يقاتل/
بني تغلب. و ذلك يوم الخميس، و على تغلب حنظلة بن هوبر، أحد بني كنانة بن تميم،
فجاء رجل من أصحاب عمير إليه فأخبره أن طلائع شعيب قد أتته، و أنه قد عدل إليه،
فقال عمير لأصحابه: أكفوني قتال ابن هوبر، و مضى هو في جماعة من أصحابه، فأخذ
الذين قدمهم شعيب، فقتلهم كلّهم غير رجل من بني كعب بن زهير يقال له: قتب بن عبيد،
فقال عمير: يا قتب، أخبرني ما وراءك؟ قال؛ قد أتاك شعيب بن مليل في أصحابه. و فارق
ثعلبة بن نياط شعيبا، فمضى إلى حنظلة بن هوبر، فقاتل معه القيسيّة، فقتل، فالتقى
عمير و شعيب فاقتتلوا قتالا شديدا، فما صلّيت العصر حتى قتل شعيب و أصحابه أجمعون،
و قطعت رجل شعيب يومئذ، فجعل يقاتل القوم و هو يقول:
فلما قتل شعيب
نزل أصحابه، فعقروا دوابّهم، ثم قاتلوا حتى قتلوا، فلما رآه عمير قتيلا قال: من
سرّه أن ينظر إلى الأسد عقيرا فها هو ذا. و جعلت تغلب يومئذ ترتجز و تقاتل و هي
تقول:
[2] يعصر أو
أعصر: قبيلة من قيس عيلان. و جمال مصاعب و مصاعيب: جمع مصعب (كمكرم): و هو الفحل
الذي يترك من الركوب و العمل للفحلة، و نهل البعير كفرح: شرب حتى روي، و عطش: ضدّ،
فهو ناهل و جمعه نهال، كنائم و نيام، و نهلان جمع نهال أيضا كعطشان و عطاش.
[3] كذا في
ف؛ و هو الصحيح، و في سائر النسخ: «أبا» تحريف.