12-
أخبار محمّد بن أميّة و أخبار أخيه عليّ بن أمية و ما يغنّى فيه من شعرهما
نسب محمد بن
أمية
سألت أحمد بن
جعفر جحظة عن نسبه قلت له: إنّ النّاس يقولون ابن أمية و ابن أبي أمية؛ فقال: هو
محمد ابن أمية بن أبي أميّة.
منادمته
إبراهيم بن المهدي
قال: و كان
محمد كاتبا شاعرا ظريفا، و كان ينادم إبراهيم بن المهديّ، و ربما عاشر عليّ بن
هشام، إلّا أنّ انقطاعه كان إلى إبراهيم، و ربّما كتب بين يديه. و كان حسن الخطّ و
البيان. و كان أميّة بن أبي أمية يكتب للمهديّ على بيت المال. و كان إليه ختم
الكتب بحضرته، و كان يأنس به لأدبه و فضله، و مكانه من ولائه، فزامله أربع دفعات
حجّها في ابتدائه و رجوعه.
قال جحظة: و
حدّثني بذلك أبو حشيشة.
إعجاب أبي
العتاهية به في حضرة إبراهيم بن المهدي
و حدّثني جحظة
أيضا قال حدّثني أبو حشيشة عن محمد بن عليّ بن أمية قال حدّثني عمي محمد بن أمية
قال:
كنت جالسا بين
يدي إبراهيم بن المهديّ، فدخل إليه أبو العتاهية و قد تنسّك و لبس الصوف و ترك قول
الشعر إلّا في الزّهد، فرفعه إبراهيم و سرّ به، و أقبل عليه بوجهه و حديثه؛ فقال
له أبو العتاهية: أيّها الأمير بلغني خبر فتى في ناحيتك و من مواليك يعرف بابن
أمية يقول الشعر، و أنشدت له شعرا أعجبني، فما فعل؟ فضحك إبراهيم ثم قال: لعله
أقرب الحاضرين مجلسا منك. فالتفت إلي فقال لي: أنت هو فديتك؟ فتشوّرت [1] و خجلت و
قلت له:
أنا محمد بن
أمية جعلت فداءك! و أمّا الشعر فإنما أنا شابّ أعبث بالبيت و البيتين و الثلاثة
كما يعبث الشابّ؛ فقال لي: فديتك، ذلك/ و اللّه زمان الشعر و إبّانه، و ما قيل فيه
فهو غرره و عيونه، و ما قصر من الشعر و قيل في المعنى الذي تومئ إليه أبلغ و أملح.
و ما زال ينشّطني و يؤنسني حتى رأى أني قد أنست به، ثم قال لإبراهيم بن المهديّ:
إن رأى الأمير-
أكرمه اللّه- أن يأمره بإنشادي ما حضر من الشعر. فقال لي إبراهيم: بحياتي يا محمد
أنشده.
فأنشدته:
ربّ وعد منك لا أنساه لي
أوجب الشكر و إن لم تفعلي
و ذكر الأبيات
الأربعة. قال: فبكى أبو العتاهية حتى جرت دموعه على لحيته و جعل يردّد البيت
الأخير منها و ينتحب، و قام فخرج و هو يردّده و يبكي حتى خرج إلى الباب.