و
أخبرني الحسن بن عليّ و أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار قالا حدّثنا عبد للّه بن أبي
سعد عن محمد بن عبد اللّه بن طاهر عن أبيه قال:
حدّثني من شهد
المأمون ليلة و هم يتراءون هلال شهر رمضان و أبو عيسى أخوه معه و هو مستلق على
قفاه، فرأوه و جعلوا يدعون. فقال أبو عيسى قولا أنكر عليه في ذلك المعنى. كأنه كان
متسخّطا لورود الشهر، فما صام بعده.
أخبرني محمد بن
يحيى قال حدّثنا الحسين بن فهم قال: قال أبو عيسى بن الرشيد:
دهاني شهر الصّوم لا كان من شهر
و ما صمت شهرا بعده آخر الدّهر
فلو كان يعديني الإمام بقدرة
على الشهر لاستعديت جهدي على الشّهر
فناله بعقب
قوله هذا الشعر صرع، فكان يصرع في اليوم مرّات إلى أن مات، و لم يبلغ شهرا آخر.
مدح إبراهيم
بن المهدي غناءه:
و ذكر عليّ بن
الهشاميّ عن جدّه ابن حمدون قال: قلت لإبراهيم بن المهديّ:/ من أحسن الناس غناء؟
قال: أنا. قلت:
ثم من؟ قال: أبو عيسى بن الرّشيد. قلت: ثم من؟ قال: مخارق.
عابث طاهر بن
الحسين أمام المأمون فغضب فترضاه:
أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثني ابن أبي سعد قال حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن طاهر قال حدّثنا
محمد بن سعيد أخو غالب الصّعديّ [1] قال:
كان أبو عيسى
بن الرشيد و طاهر بن الحسين يتغدّيان مع المأمون، فأخذ أبو عيسى هندباءة [2]
فغمسها في الخلّ و ضرب بها عين طاهر الصحيحة. فغضب طاهر/ و شقّ ذلك عليه و قال: يا
أمير المؤمنين إحدى عينيّ ذاهبة، و الأخرى على يدي عدل، يفعل هذا بي بين يديك!!
فقال له المأمون: يا أبا الطّيّب إنه و اللّه ليعبث بي [3] أكثر من هذا العبث.
عرّض بيعقوب
بن المهديّ فضحك المأمون و نهاه:
أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا ابن أبي سعد قال حدّثني محمد بن عبد اللّه بن طاهر قال حدّثني
أبو عيسى بن عليّ بن عيسى بن ماهان قال:
بينا المأمون
يخطب يوم الجمعة على المنبر بالرّصافة و أخوه أبو عيسى تلقاء وجهه في المقصورة، إذ
أقبل يعقوب بن المهديّ و كان أفسى الناس، معروفا بذلك. فلما أقبل وضع أبو عيسى
كمّه على أنفه، و فهم المأمون ما أراد فكاد أن يضحك. فلمّا انصرف بعث إلى أبي عيسى
فأحضره و قال له: و اللّه لهممت أن أبطحك فأضربك مائة درّة! ويلك! أردت أن تفضحني
بين أيدي الناس يوم جمعة و أنا على المنبر! إيّاك أن تعود لمثل هذه!. قال: و كان
[2]
الهندباء: صنفان من النبات: أحدهما قريب الشبه من الخس عريض الورق، و الآخر أدق و
أرق منه و في طعمه مرارة. (انظر «مفردات ابن البيطار» طبعة بلاق ج 2 ص 118).