ببزماوردتين
[1] و لفّهما في منديل و اذهب ركضا و عجّل. فمضى الغلام فجاءني بهما. فلما وافى
الباب و نزل عن الدّابة انقطع البرذون فنفق من شدّة ما ركضه، فأدخل إليّ
البزماوردتين فأكلتهما و رجعت إليّ نفسي و عدت الى مجلسي. فقال/ لي إبراهيم: إن لي
إليك حاجة أحبّ أن تقضيها لي. فقلت: إنما أنا عبدك و ابن عبدك، قل ما شئت. قال:
تردّ عليّ:
كليب لعمري كان أكثر ناصرا
و هذا المطرف
لك. فقلت: أنا لا آخذ منك مطرفا على هذا، و لكنّي أصير إليك إلى منزلك فألقيه على
الجواري و أردّه عليك مرارا. فقال: أحبّ أن تردّه عليّ الساعة و أن تأخذ هذا
المطرف فإنه من لبسك و من حاله كذا و كذا.
فرددت عليه
الصوت مرارا حتى أخذه. ثم سمعنا حركة محمد فقمنا حتى جاء فجلس ثم قعدنا، فشرب و
تحدّثنا. فغنّاه إبراهيم:
كليب لعمري كان أكثر ناصرا
فكأنّي و اللّه
لم أسمعه قبل ذلك حسنا، و طرب محمد طربا عجيبا و قال: أحسنت و اللّه يا عمّ! أعط
يا غلام عشر بدر لعمّي الساعة، فجاءوا بها. فقال: يا أمير المؤمنين إنّ لي فيها
شريكا. قال: و من هو؟ قال: إسحاق. قال:
و كيف؟ قال:
إنما أخذته الساعة منه لمّا قمت. فقلت له: و لم! أضاقت الأموال على أمير المؤمنين
حتى يشركك فيما تعطاه! قال: أمّا أنا فأشركك و أمير المؤمنين أعلم. فلما انصرفنا
من المجلس أعطاني ثلاثين ألفا و أعطاني هذا المطرف. فهذا أخذ به مائة ألف درهم و
هي قيمته.
حج مع الرشيد
و قصته مع جارية رآها:
أخبرني محمد بن
خلف بن المرزبان قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق عن أبيه قال قال لي إبراهيم بن
المهديّ:
حججت مع
الرشيد؛ فلما صرنا بالمدينة خرجت أدور في عرصاتها، فانتهيت إلى بئر و قد عطشت و
جارية تستقي منها، فقلت: يا جارية، امتحي لي دلوا. فقالت: أنا و اللّه عنك في شغل
بضريبة مواليّ عليّ. فنقرت بسوطي على سرجي و غنّيت:
صوت
رام قلبي السّلوّ عن أسماء
و تعزّى و ما به من عزاء
سخنة في الشتاء باردة الصي
ف سراج في الليلة الظلماء
كفّناني إن متّ في درع أروى
و امتحالي من بئر عروة مائي
- الشّعر للأحوص. و الغناء لمعبد رمل مطلق في
مجرى الوسطى عن إسحاق- و تمام هذه الأبيات:
[1]
البزماورد: طعام يسمى «لقمة القاضي» و «فخذ الست» و «لقمة الخليفة»، و هو مصنوع من
اللحم المقلي بالزبد و البيض. (انظر كتاب «التاج» للجاحظ ص 173 هامشة 3).