قال: و كانت لي
جائزة قد خرجت، فقلت: يا أمير المؤمنين، تأمر سيّدي بإلقاء هذا الصّوت عليّ مكان
جائزتي فهو أحبّ إليّ منها. فقال: يا عمّ ألق هذا الصّوت على مخارق، فألقاه عليّ،
حتى إذا كدت أن آخذه قال: اذهب فأنت أحذق الناس به. فقلت: إنه لم يصلح لي بعد.
قال: فاغد عليّ. فغدوت عليه فغنّاه متلوّيا؛ فقلت: أيها الأمير، لك في الخلافة ما
ليس لأحد، أنت ابن الخليفة و أخو الخليفة و عمّ الخليفة،/ تجود بالرّغائب و تبخل
عليّ بصوت! فقال: ما أحمقك! إن المأمون لم يستبقني محبّة فيّ و لا صلة لرحمي و لا
رباء للمعروف عندي، و لكنه سمع من هذا الجرم [3] ما لم يسمع من غيره. قال: فأعلمت
المأمون مقالته؛ فقال: إنّا لا نكدّر على أبي إسحاق عفونا عنه، فدعه. فلما كانت
أيّام المعتصم نشط للصّبوح يوما فقال: أحضروا عمّي.
فجاء في درّاعة
من غير طيلسان. فأعلمت المعتصم خبر الصّوت سرّا. فقال: يا عمّ غنّني:
يا صاح يا ذا الضّامر العنس
فغنّاه؛ فقال:
ألقه على مخارق. فقال: قد فعلت، و قد سبق منّي/ قول ألّا أعيده عليه. ثم كان
يتجنّب أن يغنّيه حيث أحضره.