معارضته عن معارضته يكون خرقا للعادة، فذلك هو المعجز. و الاستدلال
[بالأخلاق] بالأفعال و الأقوال أيضا قويّ. و هو معنى قوله تعالى: «وَيَتْلُوهُ
شاهِدٌ مِنْهُ» فانّ ذلك يشهد على صدقه في دعواه، و هو صادر منه.
قال: فان قيل:لا نسلّم أنّه ظهر المعجز على يده. قوله في الوجه الأوّل:
«إنّالقرآن ظهر على يده و هو معجز»، قلنا: الاستقصاء في الأسئلة و
الأجوبة على هذا الوجه مذكور في كتاب «النهاية».
قوله في الوجه الثاني: «أشبعالخلق الكثير من الطعام القليل»، قلنا: هذه الأشياء لو وجدت لنقلت
إلينا نقلا متواترا، لأنّها امور عجيبة، و الدواعي متوفّرة على نقل العجائب. فلمّا
لم تنقل نقلا متواترا، علمنا أنّها ليست صحيحة.
سلّمنا سلامتها عن الطعن، و لكن لا نزاع في أنّها لم تنقل إلينا
نقلا متواترا، بل إنّما نقلت على سبيل الآحاد، و رواية الآحاد لا تفيد العلم.
قوله: رواة المعجزة بلغوا حدّ التواتر، و ذلك يدلّ على صحّة واحد منها و أيّها صحّ
حصل الغرض»، قلنا: لا نسلّم أنّ رواة الغرائب التي يمكن الاستدلال بها على الرسالة
بلغوا حدّ التواتر، فانّه ليس كلّ ما يذكر في كتب دلائل النبوّة ممّا يصح
الاستدلال القطعيّ به على الرسالة. إنّما الذي يصحّ الاستدلال به على ذلك امور
قليلة، نحو نبوع الماء من بين أصابعه، و أمثاله. و لا نسلّم أنّ رواة أمثال هذه
الأشياء بلغوا إلى حدّ التواتر.
قوله في الوجه الثالث: «أخبرعن الغيب»، قلنا: أخبر عن الغيب على وجه يخالف العادة او يوافقها؟
و الأوّل ممنوع، و الثاني هو مسلّم. بيانه انّ العادة جارية بأنّ الرؤساء إذا
حاولوا ترغيب الرعيّة في محاربة خصومهم، و عدوهم، بأنّ اليد لهم و الدولة راجعة
إليهم. و قوله تعالى:
«وَعَدَاللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ»من هذا الباب. و
أيضا الرجل المعتقد فيه قد يخبر عن امور كليّة على سبيل الاجمال. فان وقع شيء من
ذلك جعله حجة على صدقه،