قلنا: وقوع العالم بالقدرة و الاختيار في الأزل محال. إمّا استناده
إلى العلّة الموجبة غير محال. فلم يصلح هذا مانعا عن صدوره عن العلّة القديمة في
الأزل. سلّمنا كونه محالا في الأزل لكن لو وجد قبل أن وجد بمقدار يوم لم يصر بسبب
ذلك أزليّا، فكان يجب أن يوجد قبل أن وجد، لأنّ العلّة قائمة، و المانع المذكور
مفقود، و أمّا حوادث لا أوّل لها فقد تقدّم إبطالها. و أمّا الواسطة فقد أجمع
المسلمون على إبطالها.
أمّا المعارضة الاولىفجوابها أنّه لم
لا يجوز أن يكون المؤثّر المستجمع لجميع جهات المؤثّريّة تارة يكون مصدرا للأثر، و
تارة لا يكون، و نحن قد بيّنا أنّ المختار هو الّذي يمكنه الترجيح، لا لمرجّح.
و أمّا الثانيةفجوابها أنّ التمكّن ثابت بالنسبة الى المقدور قبل دخوله في
الوجود. قوله: «لامكنة في الحال على الشيء الّذي سيوجد في الاستقبال» قلنا:
لا نسلّم، و لم لا يجوز أن يقال: حصل في الحال التمكن من إيجاده في
المستقبل.
و أمّا الثالثةفجوابها أنّ القادر هو الّذي يصحّ أن يصدر عنه ما يكون في نفسه
ممكنا، و الفعل إنّما يصح في لا يزال، فلا جرم كان اللّه تعالى قادرا في الأزل على
التكوين في «لايزال».
و أمّا الرابعةفجوابها أنّ النسبة الّتي ادّعيتموها و بنيتم عليها الامتياز
ممنوعة، فليس في الوجود إلّا القدرة و المقدور.
و أمّا الخامسةفجوابها أنّ التعلّق إضافة و لا وجود لها في الأعيان، فلا يلزم عدم
القديم.
و أمّا السادسةفجوابها أنّ الموجديّة إضافة الذات إلى الأثر، و الاضافات لا وجود
لها في الأعيان.
أقول: تلخيص الاعتراض الأوّل هو أنّ الحدوث لا يدلّ على الاختيار، فانّ
الأثر مع وجود القدرة و الدّاعى لو كان ممتنعا لامتناع دعوة الداعى مع الموجد لكان
مع المؤثّر الموجب أيضا ممتنعا لامتناع تحصيل الحاصل، فاذن الحدوث غير