و السكون عبارة عن حصوله في الحيّز الواحد أكثر من زمان واحد. فعلى
هذا حصوله في الحيّز حال حدوثه لا يكون حركة و لا سكونا. و قيل: هو السكون و هو
انّما يصحّ اذا قلنا: الحركة عين السكونات. و البحث لفظيّ. و الاجتماع حصول
الجوهرين في حيّز واحد بحيث لا يمكن أن يتخلّلهما ثالث. و الافتراق كونهما بحيث
يمكن أن يتخلّلهما ثالث. و الدليل على وجود هذه المعانى أنّ الجوهر يحرّك بعد أن
لم يكن متحرّكا. و التغيّر من أمر الى أمر يستدعى وجود الصّفة.
لا يقال: هذا منقوض: بما أنّ البارى تعالى كان عالما بأنّ العالم
سيوجد، ثمّ صار عالما بأنّه موجود و كذا لم يكن رائيا للعالم، لاستحالة رؤية
المعدوم، ثمّ صار رائيا. و الأقوى أنّه لم يكن فاعلا للعالم ثمّ صار فاعلا. و
الفاعليّة يمتنع أن تكون صفة حادثة، و الّا لافتقرت الى إحداث آخر، و يلزم
التسلسل و أيضا فالتّغير يكفى في تحقّقه كون احدى الحالتين ثبوتيّة، و أنتم
ادّعتيم أنّ الحركة و السكون كلاهما ثبوتيّان.
لأنّا نجيب: عن الأوّل بأنّ التغيّر في الاضافات لا يوجب التغيّر
في الذات و الصفات و عن الثانى بأنّ الحركة و السكون نوع واحد، لأنّ المرجع بهما
الى الحصول في الحيّز الّا أنّ الحصول ان كان مسبوقا بالحصول في حيّز آخر كان
حركة. و ان كان مسبوقا بالحصول في ذلك الحيّز كان سكونا. و اذا كان كلّ واحد منهما
من نوع واحد، و ثبت كون أحدهما ثبوتيّا، لزم أن يكون الآخر كذلك. و بهذا الطريق
ثبت أنّ حصول الجوهر في الحيّز حال حدوثه أمر ثبوتىّ.
أقول: هذا الحدّ للحركة هو حدّها عند المتكلّمين، و هو مبنىّ على القول
بالجوهر الفرد و تتالى الحركات الأفراد غير المتجزّئة. و أمّا قوله: «السكون عبارة عن حصوله في الحيّز
الواحد أكثر من زمان واحد» يقتضي أن تكون الحركة التى تكون قبل السكون سكونا
بعينه. و الصواب أن يقال: هو الحصول في حيّز بعد حصوله في ذلك الحيّز بعينه، حتّى
تخرج منه الحركة، و قد