بالمعلومات مختلفا اقتضى كون العالميّة بحسبها مختلفة متعذرة. و هذا
الجواب يكون على أبي على و أبي هاشم على القائلين بأنّ العالميّة زائدة على الذات،
و العلم ليس بزائد على الذات، فإنّهم إن أوردوا إلزام تكثّر العلوم على القائلين
يكون العلم زائدا عارضوهم بوجوب تكثّر العالميّة بغير هذا الدليل. قوله: «و هذه المعارضة واردة على
جميع الشبه». يعنى أنّ المعارضة بالعالميّة واردة على الشبه الستّ التي يوردونها
في الردّ على من يقول بكون العلم زائدا على الذات.
قال:
مسألة البارى تعالى ليس مريدا لذاته
البارى تعالى ليس مريدا لذاته، و هو قول ابي على و ابي هاشم. و
الخلاف فيه مع النجّار. لنا ما تقدّم في مسألة العلم. و احتجّ ابو على و ابو هاشم
على أنّه تعالى ليس مريدا لذاته بأنّه لو كان كذلك لكان مريدا لجميع المرادات، كما
أنّه لما كان عالما لذاته كان عالما بكلّ المعلومات، و لو كان مريدا لجميع
المرادات لكان ذلك محالا، لأنّ زيدا إذا اراد موت رجل و عمروا اراد حياته فلو كان
اللّه تعالى مريدا لكلّ المرادات للزم ان يكون مريدا لموته و حياته معا، و هو
محال.
و لقائل أن يقول: لم قلت: إنّه لو كان مريدا لذاته لكان مريدا لكلّ
المرادات.
و القياس على العلم لا يسمن و لا يغنى من جوع. و قولهم: «لمّاكانت المريديّة
صفة ذاتية لم يكن تعلّقها ببعض المرادات اولى من تعلّقها بالباقى» فقد عرفت ضعفه.
أقول: ما تقدّم في مسألة العلم و هو انّ كون العلم بذاته مغايرا للعلم
بإرادته يقتضي تغايرهما. و قياس الإرادة على العلم لا يفيد اليقين لكونه تمثيلا، و
لا الزام لأنّ المقيس عليه ممنوع، و هو كون العلم له بذاته. و قوله: «فقد عرفت ضعفه» إشارة إلى أنّ
الإرادة على تقدير كونها ذاتية لم لا يجوز أن تتعلّق ببعض المرادات دون البعض.