الواجب متى لا يعلّل؟ إذا كان واجبا لذاته او لغيره؟ فالأوّل
مسلّم، لكن لم قلتم:
إنّ عالميّة اللّه واجبة لذاتها، بل هو أوّل المسألة. و الثانى
باطل، لأنّ وجوب العالميّة بالعلم لا يوجب استغناءه عنه، كما في الشاهد. و عن
الثالث أنّ الاشتراك في القدم اشتراك في الوصف سلبىّ او ثبوتىّ. و ذلك لا يوجب
التماثل أصلا. كما أنّ الضدين لا يلزم من اشتراكهما في التضادّ تماثلهما. و عن
الرابع أنكم إن عنيتم بالتغاير كون كلّ واحد مخالفا للآخر فهو كذلك، لكنّا لا نطلق
هذه اللفظة لعدم الاذن. و إن عنيتم جواز المفارقة في الزمان و المكان و الثبوت و
العدم فلم قلتم به. و إن عنيتم معنى ثالثا فبيّنوه. و عن الخامس أنّ علمه المتعلّق
بمعلومنا مع علمنا يشتركان في التعلّق بذلك المعلوم، و لا يلزم من اشتراك شيئين في
بعض اللوازم مماثلتهما. و لئن سلّمناه لكن لا يلزم من حدوث علمنا حدوث علمه، كما
لا يلزم من كون وجوده تعالى مساويا لوجودنا في كونه وجودا حدوث وجوده.
و عن السادس أنّ ما ألزمتم علينا في العلم يلزمكم في نفس
العالميّة. و هذه المعارضة واردة على جميع الشبه، و باللّه التوفيق.
أقول: قوله: «الجواب عن الأوّل قد تقدّم» يريد به تجويز كون الشيء فاعلا و قابلا. و في
تفسير التغاير بجواز المفارقة في أحد الامور الأربعة موضع نظر، و ذلك لأنّ كثيرا
من العلل و المعلولات يمنع المفارقة مع وجوب تغايرها.
و الاولى أن يقال: المتغايران هما ذاتان. و الذات لا تغاير صفتها.
لأنّ صفتها لا تكون مغايرة بالذات لها، اذ لا ذات لها، و لمثل ذلك لا تتغاير
الصفات. و ما قال في الجواب عن الخامس فيه نظر، لأنّ العلم على تقدير كونه نسبة او
تعلقا إلى معلوم. فالنسب التى تكون إلى معلوم واحد تكون متماثلة. و لا يندفع
بقياسها على الوجود لأنّ الوجود على وجوده و على وجودنا يقع بالتشكيك. و الواقع
بالتشكيك لا يوجب المساواة في اللوازم. أمّا الامور المتماثلة يحسب اشتراكهما في
اللوازم. و الجواب عن السادس الزاميّ، و هو أنّ الدليل الّذي اقتضى كون العلم