يزيدون فيهما قيدا آخر، و هو كونهما في غاية التباعد. و على ذلك
التقدير لا يكون لضدّ إلّا ضدّ واحد فقط.
قال:
أما الاعراض التى لا يتصف بها غير الحى فأجناس.
1 منها الحياة
و اعلم أنّ المراد منها إن كان اعتدال المزاج، او قوّة الحسّ و
الحركة، فهو أمر معقول، و إن كان شيئا ثالثا فلا بدّ من إفادة تصوّره، ثمّ إقامة الدّليل
على ثبوته. و الجمهور زعموا أنّها صفة، لأجلها يصحّ على الذّات أن يعلم و يقدر، و
احتجّوا بأنّه لو لا امتياز الحىّ من الجماد بصفة و إلّا لم يكن اتّصاف الحىّ بهذه
الصفة أولى من الجماد.
و احتجّ ابن سينا في «القانون» بأنّ العضو المفلوج حىّ، فحياته إمّا أن تكون قوّة الحسّ و الحركة،
او قوّة التغذية، او نوعا ثالثا. و الأوّل باطل، لأنّ العضو المفلوج ليس له قوّة
الحسّ و الحركة. و الثانى باطل، لأنّ قوّة التغذية قد تبطل مع بقاء العضو المفلوج
حيّا، و لأنّ القوّة الغاذية حاصلة للنبات، و لا حياة له. فثبت أنّ الحياة أمر
ثالث.
و الجواب عن الأوّل معارض بأنّه لو لا امتياز الذات الحيّة بما
لأجله صحّ أن يصير حيّا، و إلّا لم يكن بأن يصير حيّا أولى من غيره. و هذا يقتضي
اشتراط الحياة بحياة اخرى. و كلّ ما هو جوابهم هناك فهو جوابنا هاهنا. و عن الثانى
أنّ معنى كون العضو المفلوج حيّا بقاء قوّة التغذية [فيه]. قوله: «قدتبطل هذه القوّة
مع بقاء الحياة» قلنا: لا نسلّم، فلم لا يجوز أن يقال: القوّة باقية، و لكنّها
عاجزة من الفعل. قوله: «الغاذيةحاصلة في النبات» قلنا: أنت تساعدنا على أنّ غاذية النبات و
الحيوان مختلفان بالنّوعيّة و الماهيّة. و المختلفان لا يجب اشتراكهما في الأحكام.