واجب الوجود متعيّن، لأنّه لو لم يكن متعيّنا لم يكن[1] موجودا، و قد ثبت بالبرهان[2] أنّه موجود. فقوله: «ما لم يتعيّن لم يكن علّة لغيره» أكثر المقدّمات فيه مستدرك و ذلك واضح.
ثمّ إنّ تعيّنه إمّا لكونه واجب الوجود، أو لغيره. و الأوّل: يستلزم
المطلوب، لأنّه إن كان تعيّنه[3] لكونه
واجب الوجود فأينما وجد واجب الوجود وجد ذلك التعيّن، فيلزم انحصار واجب الوجود
فيه.
و الثاني: يقتضي أن يكون واجب الوجود المتعيّن[4] معلولا لغيره، لأنّ معنى واجب الوجود إمّا أن يكون لازما لتعيّنه، أو
عارضا، او معروضا له[5]، أو ملزوما و الكلّ محال.
هذا توجيه الشارح.
و فيه نظر لأنّ تعيّنه لو كان لغيره يكون واجب الوجود محتاجا في
تعيّنه إلى غيره [32]، فيلزم أن يكون واجب الوجود المتعيّن معلولا للغير[6]، و هذا لا حاجة له إلى
دليل. و لو استدلّ بقوله: «لأنّه إن كان لازما لتعيّنه» كان تلك المقدّمة مستدركة في البيان[7]، إذ يكفى أن[8] يقال: لو لم يكن تعيّنه لكونه واجب الوجود بل لغيره لكان معنى واجب
الوجود إمّا[9] لازما لتعيّنه أو عارضا[10] أو
معروضا[11] أو ملزوما و الكلّ محال.
ثمّ لو جرينا على هذا الاستدلال فقول الشارح: «و الكلّ محال» بعيد عن
التقريب، إذ التقريب أن يقال: و أيّا ما كان يلزم أن يكون واجب الوجود المتعيّن
معلولا للغير[12]. و كذلك قول الشيخ: «إن كان تعيّن الواجب لازما كان الوجود لازما لماهيّة غيره أو صفة، و ذلك
محال» لا يناسب التقريب.
و أيضا قد استعمل تلك المقدّمة في ذلك الاستدلال في ثلاثة مواضع
أخرى[13]:
أمّا أوّلا و ثانيا: فحيث بيّن أنّ القسم الثالث يقتضي كون واجب
الوجود المتعيّن معلولا
[9]ص:- بل لغيره ... إمّا.+ محتاجا في
تعينه إلى غيره، فيلزم ان يكون واجب الوجود المتعيّن معلولا للغير، و هذا لا حاجة
له إلى دليل. و لو استدلّ بقوله: لأنّه إن