[1] المراد
ب (المال): ما أوجبته الجناية، أو الإتلاف. و وجه القرب في الأول: أن حق المرتهن
متعلق بالعين و أرشها و بدلها، و تصرفات الراهن، مما ينافي ذلك، ممنوع منها، فلا
يكون العفو مسقطا لحق المرتهن، و هو الأصح.
و يحتمل
ضعيفا العدم، لأن العفو لا يقع باطلا عند المصنف- كما سنذكره- بل يقع مراعى، ثم
يظهر نفوذه عند انفكاك الرهن، فإذا وقع العفو بما نفذ و لم يظهر لنا، لتوقف
الانكشاف على الانفكاك و عدمه، فكيف يؤخذ حق ربما لم يكن ثابتا؟ و ليس بشيء، لأن
ثبوت حق الراهن مقطوع به، فكيف يترك لأمر محتمل.
و وجه القرب
في الثاني: أن فيه جمعا بين الحقين، و لأنه لا مانع إلا حق المرتهن، فإذا انفك زال
المانع. و يضعّف بأنه لم يتحقق ثبوت حق للجاني إلى الآن، ليجمع بينه و بين حق
المرتهن. و مانعية حق المرتهن على صحة العفو يقتضي بطلانه وقت إنشائه، فكيف ينكشف
بعد صحته في حال وجود المانع؟
قال الشارح:
و التحقيق أن الأمور العدمية لا توصف بأنها موقوفة، بل تكون مراعاة، و ما يدل على
صحتها كاشف، و الكاشف هو دليل على سبق العلة المؤثرة التامة. و أما الموقوف عليه
فهو من تمام العلة، أعني علة الصحة أو اللزوم، و لهذا قال المصنف: (ظهر صحة العفو)[1].
هذا كلامه،
و أراد به بيان الفرق بين ما يمكن وقوعه موقوفا، و ما يمتنع فيه ذلك، فنبه على أن
ما كان عدميا- أي: المراد منه العدم- لا يوصف بكونه موقوفا، و العفو عدمي، لأن
المقصود منه الإسقاط، و هو إعدام ما في الذمة، فيكون مراعى، بمعنى أن انكشاف حاله
يظهر بعد بزوال المانع من بقائه، بخلاف الموقوف الذي بقي من علته التامة جزء لم
يتحقق بعد.