و يجوز حلّ السحر (1) بشيء من القرآن أو الذكر أو الأقسام، لا بشيء
منه.
قولهم: لا تأثير للسحر.
و الأول
أوجه، لأن تأثر الإنسان بالسحر غير موقوف على أنّ له حقيقة موجودة في الواقع، لأن
الأمور المخيلة ربما أثّرت بتوسط الوهم، فان فعل الوهم أمر مقطوع به.
و الحق: عدم
القطع بأن له حقيقة أو لا حقيقة له، و الدلائل التي ذكروها من الجانبين لا دلالة
فيها، فان قوله تعالى (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهٰا
تَسْعىٰ)[1] دال على ثبوت السحر، و تخيل السعي لا على تخيل حقيقة
السحر، و مع ذلك فهذا لا يدل على أن جميع أفراد السحر، إنما يحصل بها التخيل، و
قوله تعالى (وَ مٰا هُمْ بِضٰارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلّٰا بِإِذْنِ
اللّٰهِ)[2] لا دلالة فيه أيضا، لأن المراد من الإذن ليس هو الترخيص
قطعا، إذ لا معنى له في هذا المقام، بل المراد منه: العلم و الاطلاع، كما يتبادر
إلى الفهم، و لا يضر كونه مجازا مع القرينة، و مع ذلك فلا يدل على أنه لا حقيقة
له، و بناء الفقهاء [في][3] ثبوت القصاص على أنّ للسحر حقيقة غير ظاهر،
لجواز حدوث شيء في بدن الإنسان بسبب التخيل بتوسط الوهم، فما قرّبه المصنف غير
واضح.
و لا
استبعاد في أن يكون لبعض أفراده حقيقة و وجود، فانّا نرى عقد الشخص عن زوجته يمنعه
من وطئها منعا ظاهرا، و حينئذ فلو قتل إنسانا بسحره مقرّا بذلك قتلناه به، إذ لا
أقل من أن يكون ذلك بتسبّبه إلى فعل الوهم فيه ذلك.
قوله: (و يجوز حل
السحر.).
[1]
الأقسام: بفتح الهمزة جمع قسم، و لا تمتنع قراءته بكسرها، على أنه