الخامسة: لو
كان العلم بالتحريم و العدة من أحد الجانبين خاصة و الآخر جاهل بأحدهما، فالتحريم
إنما هو من طرف العالم دون الجاهل حيث ينتفي التحريم بالجهل، و ذلك مع عدم الدخول،
و هو مفهوم رواية عبد الرحمن بن الحجاج السالفة[1].
فإن قيل:
كيف يعقل التحريم من أحد الجانبين خاصة، فإن أحدهما متى حرم على الآخر لم يجز
للآخر التزويج به، لما في ذلك من المعاونة على الإثم و العدوان.
قلنا: يمكن
التوصل إلى النكاح من المحلل له حيث لا يشعر من تعلق به التحريم بالحال، إما بأن
يجهل التحريم، أو يخفى عليه عين الشخص بتخلل مدة طويلة، و نحو ذلك. و استشكله
شيخنا الشهيد في بعض حواشيه بعدم النظير، و لا اشكال مع ورود النص[2] بذلك.
لكن يشكل
بوجه آخر، و هو إنّا لو جوّزنا العقد في صورة جهل من تعلق به التحريم بالحال لكان
إذا تجدد علمه بذلك بعد العقد يلزم اما الحكم ببطلان النكاح الصحيح، أو صحته مع
وجود المانع، و كلاهما باطل. و وجه اللزوم أنه إن حكم على من تعلق به التحريم بصحة
النكاح لزم الأمر الثاني، أو بفساده لزم الأمر الأول.
و الحق أن
النكاح لا يعقل صحته من أحد الجانبين دون الآخر، فلا يعقل ثبوت التحريم من أحدهما
خاصة، و ليس هذا كما لو اختلفا في صحة النكاح و فساده فالحكم ظاهر بالصحة، فإن
مدعي الفساد تلحقه أحكام الزوجية ظاهرا، و يجب عليه فيما بينه و بين اللّٰه تعالى
العمل بما يعلمه بحسب مقدوره، فاختلف الحكم نظرا إلى الظاهر، و ما في نفس الأمر و
الحكم هنا إنما هو بالنظر إلى نفس الأمر.
السادسة: لا
فرق في ذلك بين كون العدة بائنة أو رجعية أو عدة وفاة أو عدة
[1]
الكافي 5: 427 حديث 3، التهذيب 7: 306 حديث 1274.
[2]
الكافي 5: 427 حديث 2 و 3، التهذيب 7: 307 حديث 1274 و 1276.