نام کتاب : حاشية الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك و معه شرح الشواهد للعيني نویسنده : الصبان الشافعي جلد : 3 صفحه : 293
التحذير و الإغراء
التحذير تنبيه المخاطب على أمر مكروه ليجتنبه و الإغراء تنبيهه على
أمر محمود ليفعله، و إنما ذكر ذلك بعد باب النداء لأن الاسم فى التحذير و الإغراء
مفعول به بفعل محذوف لا يجوز إظهاره كالمنادى على تفصيل يأتى. و اعلم أن التحذير
على نوعين: الأول: أن يكون بإياك و نحوه.
و الثانى: بدونه فالأول يجب ستر عامله مطلقا كما أشار إليه بقوله:
(إياك و الشر و نحوه) أى نحوالتحذير و الإغراءقال فى النكت: جمعهما فى باب واحد لاستواء أحكامهما، و كان ينبغى
تقديم الإغراء على التحذير لأن الإغراء هو الأحسن معنى، و عادة النحويين البداءة
به كما يقولون نعم و بئس، و تقول الناس الوعد و الوعيد و الثواب و العقاب و نحو
ذلك و لا ترى طباعهم العكس اه. و لك أن تقول: إنما قدموا التحذير لأنه من قبيل
التخلية و الإغراء من قبيل التحلية ثم هما و إن تساويا حكما مفترقان معنى فالإغراء
التسليط على الشىء و التحذير الإبعاد عنه. و يشتمل التحذير على محذر بكسر الذال و
هو المتكلم و محذر بفتحها و هو المخاطب و محذر منه و هو الشر مثلا كذا فى الغزى و
مثله يجرى فى الإغراء. و قوله: و هو المخاطب اقتصر عليه مع أنه قد يكون المتكلم و
الغائب لأن تحذيرهما شاذ كما سيأتى. قال شيخ الإسلام: التحذير يكون بثلاثة أشياء:
بإياك و أخواتها و بما ناب عنهما من الأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب نحو نفسك، و
بذكر المحذر منه نحو الأسد و سيأتى بيانها فى كلامه.
قوله: (تنبيه المخاطب) اقتصر على المخاطب مع أن التحذير يكون لغيره
لأن تحذيره هو الكثير المقيس، فقصد الشارح تعريف هذا النوع منه فقط. قوله: (على
أمر مكروه) و لو فى زعم المحذر فقط أو المخاطب فقط. أفاده سم. قوله: (ليجتنبه إلخ)
بقى تنبيه المخاطب على أمر مذموم ليفعله و تنبيهه على أمر محمود ليجتنبه، و الظاهر
عندى أن الأول من الإغراء و الثانى من التحذير، و إنما لم يذكرهما الشارح لأنهما
لا ينبغى صدورهما من العاقل. بقى أن تعريف التحذير يشمل نحو: لا تؤذ أخاك و لا تعص
اللّه، و ظاهر ما قلناه قريبا عن شيخ الإسلام خلافه، و تعريف الإغراء يشمل نحو:
أحسن إلى أخيك و أطع اللّه و اصبر. و فى كون كل ذلك و نحوه يسمى إغراء اصطلاحا
بعد. فتأمل. قوله: (محمود) فيه ما مر فى نظيره و كان الأحسن فى المقابلة أن يعبر
بالمكروه و المحبوب أو بالمذموم و المحمود. قوله: (بعد باب النداء) أى حقيقة أو
صورة ليشمل الاختصاص. قوله: (على تفصيل يأتى) حاصله أن محل الوجوب إذا كان التحذير
بإيا و نحوه أو بغيره مع العطف أو التكرار.
قوله: (يجب ستر عامله) أى حذفه. قال البعض مقدرا بعد إياك إذ لا
يتقدم الفعل مع انفصال الضمير و فيه أنهم ذكروا من أسباب الانفصال حذف الفعل و
تأخره و لا مانع أن يكون سببه هنا الحذف بل صرح به بعضهم فالفعل المقدر يجوز تقدمه
مع انفصال الضمير، و ما ذكره من عدم جواز تقدمه مع انفصال الضمير إنما هو فى الفعل
الملفوظ به فما علل به تقدير الفعل بعد إياك لا ينهض. و التعليل الصحيح ما فى
الدمامينى و نصه: تقدير الفعل بعد إياك واجب إذ لو قدر مقدما للزم أن يكون أصله
نام کتاب : حاشية الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك و معه شرح الشواهد للعيني نویسنده : الصبان الشافعي جلد : 3 صفحه : 293