و العرب تقول: «بداءاتحوائجك» في كثير من كلامهم. و كثيرا ما يقول ابن السّكّيت: إنّهم
كانوا يقضون جوائجهم في البساتين و الرّاحات. و إنّما غلّط الأصمعيّ في هذه اللفظة
حتى جعلها مولّدة كونها خارجة عن القياس؛ لأنّ ما كان على مثال (حاجة) مثل غارة، و
حارة، لا يجمع على غوائر و حوائر، فقطع بذلك على أنّها مولّدة غير فصيحة. على أنّه
حكى الرّقاشي و السّجستاني عن عبد الرحمن عن الأصمعي أنّه رجع عن هذا القول، و
إنّما هو شيء كان عرض له من غير بحث و لا نظر، و هذا هو الأشبه به، لأنّ مثله لا
يجهل ذلك، إذ كان موجودا في كلام النبي- صلّى اللّه عليه و سلّم- و كلام غيره من
العرب الفصحاء. و ذكر سيبويه في كتابه أنّه يقال: «تنجّزحوائجه و استنجزها».
و كأنّ القاسم بن علي الحريريّ لم يمرّ به إلّا القول الأول المحكيّ
عن الأصمعي دون القول الثاني، و لو أنّه سلك مسلك النّظر و التسديد، و أضرب عن
مذهب التّسليم و التّقليد، لكان الحق أقرب إليه من حبل الوريد- آخر المسألة-.
مسألة و من فوائد الشيخ جمال الدّين بن هشام
سئلت عن الفرق بين قولنا: «واللّه لا كلّمت زيدا و لا عمرا و لا بكرا» بتكرار (لا) و بدون
تكرارها، حتى قيل: إنّ الكلام مع التكرار أيمان في كلّ منها كفّارة، و أنّه بدون
التكرار يمين، في مجموعها كفّارة.
و الجواب: أنّ بينهما فرقا ينبني على قاعدة، و هي أنّ الاسمين
المتفقي الإعراب المتوسّط بينهما واو العطف تارة يتعيّن كونهما متعاطفين، و تارة
يمتنع ذلك، و يجب تقدير مع الباقي، و يكون العطف من باب عطف الجمل؛ و تارة يجوز
الأمران.
فالأول نحو: «اختصمزيد و عمرو»، و اصطلح زيد و عمرو» و «جلستبين زيد و عمرو» و «هذانزيد و عمرو»؛ و ذلك لأنّ الاختصام و الإصلاح و البينيّة و المبتدأ
الدّال على متعدّد، لا يكتفي بالاسم المفرد.
و الثاني نحو: «قامتهند و زيد»، و قوله تعالى:لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ
[654] - الشاهد لقيس بن رفاعة في التنبيه و الإيضاح (1/ 201)، و
بلا نسبة في لسان العرب (حوج).
نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 4 صفحه : 138