نام کتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 192
و ثانيها: أنّ المفهوم من قوله: (توجّه المصلّي إليها إن علمها) كون
المراد بها عين الكعبة، فإنّ ذلك هو الواجب عنده مع الإمكان. و إنّما تعتبر الجهة
عند تعذّر العلم بالعين، و حينئذ فقوله: (و إلّا عوّل على أماراتها) يدلّ على كون
الأمارات المذكورة دالّة على العين.
و ليس كذلك،
و إنّما هي أمارات الجهة. و لو سلم أنّها أمارات العين بوجه، فليس في العبارة
إشعار بالفرق بين القريب و البعيد بالنسبة إلى العين و الجهة. و اللازم على مذهبه
التفصيل، كما مرّ.
و وجه العذر
عنه أنّه لا حظ إيجاز العبارة- كما هي عادته في الرسالة- و أتى بعبارة تؤدّي
الواجب بالنسبة إلى المصلّي و إن لم يحصل منها تفصيل المسألة؛ و ذلك لأنّ قسم
العلم يتناول من في مكة و من قاربها ممّن لا يتعذّر عليه العلم بها لحبس أو مرض و
نحوهما. و ترك التصريح بكون القبلة هي الكعبة؛ لظهور أمرها و أمن اللبس و حكم في
صورة الجهل بها بالتعويل على الأمارات و هي مقيّدة للعلم بالقبلة، أي الشيء الذي
يجب استقباله أعمّ من العين و الجهة، و الأمارات المذكورة محصّلة لها.
و لو ضويقنا
في إرادة الكعبة فالأمارات المذكورة تؤدّي إلى الظن بكون الكعبة في سمته عند
تحريرها على وجهها، و ليس المراد من الأمارات إلّا إفادة الظّن، فإنّ الأمارة هي
الدليل الظنّي. و قد صرّح المصنّف في تعريفه للجهة- الذي حكيناه عنه- بكونها السمت
الذي يظنّ كون الكعبة فيه[1]، فاعتبر حصول الظنّ
للمصلّي بذلك، و هو مطابق للتعويل على الأمارة.
و التحقيق:
أنّ الأمارات المذكورة و غيرها إذا حرزها العارف عرف بها جهة القبلة يقينا لا
ظنّا، و قد يستفيد منها سمت العين ظنّا، كما يعرفه من يطّلع على مباحث القبلة في
العلم المعدّلها، فإنّ ذلك ليس من وظائف الفقيه.
و ثالثها:
أنّه جعل الواجب الثاني- و هو قوله: (توجّهه إلى أربع جهات إن جهلها)-