نام کتاب : المقاصد العلية في شرح الرسالة الألفية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 193
قسيما للأوّل و هو قوله: (توجّه إليها إن علما)، كما هو الظاهر من
سياق الكلام و مرجع الضمائر، مع أنّه في الأوّل جعل العلم بها قسيما في قوله: (و
إلّا عوّل على أماراتها) فإنّ المراد- كما مرّ-: و إن لم يعلمها عوّل إلى آخره،
فلا يحسن نظم العبارة حينئذ.
و من ثمّ
جعل الشارح المحقّق ضمير (جهلها) في الثاني عائدا إلى الأمارات لا قسيما للأوّل[1]، و الأجود
عوده إلى القبلة كالأوّل، فيكون قسيما له، و سيأتي تحقيق ذلك و بيان المخرج من
الفساد على وجه تنتظم معه العبارة.
و رابعها:
أنّه يستفاد من قوله في القبلة: (و يعتبر فيها أمران)- و من جملة الأمر الأوّل
التعويل على أماراتها- أنّ العلم بذلك واجب عينا على كلّ مكلّف، كما هو مبحث جميع
مسائل الرسالة، و الأمر فيه كذلك، و قد صرّح المصنّف به في غيرها من كتبه[2].
و حينئذ
فيجب معرفة أمارات القبلة للبعيد؛ لتوقّف صحة الواجب عينا- و هو الصلاة- عليه، فتبطل
الصلاة مع الإخلال به و إن صلّى إليها من غير طريق شرعي، كما نبّه عليه في الأعمى
إذا رجع إلى رأيه، بل يزيد الجاهل على الأعمى ببطلان صلاته و إن قلّد العدل العارف
مع إمكان النظر في الأمارات و سعة الوقت، اللهم إلّا أن يعوّل على محراب مسجد أو
قبور جماعة من المسلمين، فيكون ذلك كالنظر في الأمارات.
و كذا يجوز
التعويل على ذلك للعالم بأدلّة القبلة مع عدم علمه بغلطه، و يجوز له الاجتهاد في
التيامن و التياسر عنه، لا في محض الجهة الذي يقطع بعدم غفلة الناس عن الخطأ في
مثله، بخلاف اليسير؛ لا مكانه، بل وقوعه بالفعل في كثير من البلاد مع مرور الأعصار
و صلاة الخلق الكثير، و قد وقع ذلك في مسجد دمشق، و كثير من مساجد بلادنا، و بلاد
خراسان.
و السّر في
ذلك أنّ الخلق الكثير ربّما تركوا الاجتهاد في المحراب مع قدرتهم أو بعضهم عليه؛
لعدم وجوبه حينئذ عينا، و جواز تقليد المحراب، فيستمر لذلك الغلط