و لأنّ
الصحابة توقّفوا في أخذ الجزية من المجوس حتّى روى لهم عبد الرحمن بن عوف قوله
عليه السلام: «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» و ثبت عندهم أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه
و آله أخذ الجزية من مجوس هجر[2].
و إذا كان
حال من له شبهة كتاب هذا، دلّ على أنّهم لم يقبلوا الجزية ممّن سواهم بطريق أولى.
و لأنّ قوله
عليه السلام: «سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب» يقتضي تخصيص أهل الكتاب بأخذ الجزية؛ إذ
لو شاركهم غيرهم، لم تختصّ الإضافة بهم.
و لأنّ
كفرهم أغلظ و أشدّ؛ لإنكارهم الصانع و رسله أجمع و لم تكن لهم شبهة، فلا يساوون من
له كتاب و اعتراف باللّه تعالى، كالمرتدّ.
احتجّ أبو
حنيفة: بأنّهم يقرّون على دينهم بالاسترقاق فأقرّوا بالجزية، كأهل الكتاب و المجوس[3].
و احتجّ
مالك: بقوله عليه السلام في حديث بريدة: إذا بعث أميرا على جيش أو سريّة، قال له:
«إذا لقيت عدوّك فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال» من جملتها
[1]
الموطّأ 1: 278 الحديث 42، سنن البيهقيّ 7: 173، كنز العمّال 4: 502 الحديث 11490،
المصنّف لابن أبي شيبة 3: 112 الحديث 2، المصنّف لعبد الرزّاق 6: 69 الحديث 10025،
مسند أبي يعلى 2: 168 الحديث 862.
[2] صحيح
البخاريّ 4: 117، سنن أبي داود 3: 168 الحديث 3043 و 3044، سنن الدارميّ 2:
234، مسند
أحمد 1: 191، 194، سنن الدارقطنيّ 2: 154، 155 الحديث 1 و 2، سنن البيهقيّ 8:
248، مسند
أبي يعلى 2: 166- 168 الحديث 860- 861، المغني 10: 382.