و الجواب عن
الحديثين: أنّهما وردا في واقعة، فلا عموم لها، و حينئذ يحتمل أن يكون عليه السلام
مستغنيا عن المشركين في تلك القضيّة، أو أنّه عليه السلام علم من حالهم الإسلام
بالردّ لهم فردّهم ليسلموا، و ذلك مصلحة عظيمة، أو أنّه عليه السلام لم يكن عالما
بحالهم من الأمانة و عدم الإضرار.
و عن
الثاني: بالفرق؛ إذ التقدير أنّ الاستعانة إنّما تجوز إذا كان المشرك مأمونا، فلا
يجوز قياس أحد النقيضين على صاحبه.
مسألة: و ليس للرضخ قدر
معيّن،
بل هو موكول
إلى نظر الإمام، لكن لا يبلغ للفارس سهم فارس و لا للراجل سهم راجل، كما لا يبلغ
بالتعزير الحدّ.
و ينبغي أن
يفضّل بعضهم على بعض بحسب مراتبهم و كثرة النفع بهم، فيفضّل العبد المقاتل الشديد
على من ليس كذلك، و تفضّل[3] المرأة المقاتلة، و
التي تسقي الماء و تداوي الجرحى و تعتني بالمجاهدين على من ليس كذلك.
و بالجملة
تفاوت بينهم بالعطاء بحسب تفاوت النفع بهم، و لا يسوّى بينهم كما يسوّى في السهام؛
لأنّ السهم منصوص عليه[4] غير موكول إلى الاجتهاد، فلم يختلف، كالحدّ
و الدية، أمّا الرضخ، فإنّه غير مقدّر، بل هو مجتهد فيه، مردود إلى
[1]
المستدرك للحاكم 2: 121 سنن البيهقيّ 9: 37، المصنّف لابن أبي شيبة 7: 660 الحديث
1، المعجم الكبير للطبرانيّ 4: 223 الحديث 4194، مجمع الزوائد 5: 303.
[2] المغني
10: 447، الشرح الكبير بهامش المغني 10: 420.