. المقدّمة السّادسة: في أنّ
تحصيل هذا العلم واجب على الكفاية
و يدلّ عليه
ما تقدّم من القرآن، فإنّه دلّ على وجوب التّفقّه على الطّائفة من كلّ فرقة، و لو
كان واجبا على الأعيان، لكان واجبا على كلّ فرقة.
و لأنّ
الأصل عدم الوجوب، و الدّليل إنّما ينهض بالوجوب على الكفاية.
و لأنّ
الوجوب على الأعيان ضرر عظيم، و هو منفيّ اتّفاقا
. المقدّمة السّابعة: اعلم
انّ النّاس على أقسام ثلاثة بالنّسبة إلى العلم.
أحدها:
الّذي هو الأصل، و المستنبط له، و المظهر لكنوزه، و الدّال على فوائده و كأنّه
الخالق لذلك العلم و المبتدع له، و هذا القسم أشرف الأقسام و أعلاها.
و ثانيها:
من كان له مرتبة دون هذه المرتبة، و حظّه من العلم أنقص من حظّ الأوّل، و كان سعيه
و كدّه فهم ما يرد عليه من العلوم المنقولة عن الأوّل، و تحصيل ما أراده الأوّل، و
لهذا القسم أيضا شرف قاصر عن شرف الأوّل.
و ثالثها:
من قصر عن هاتين المرتبتين و لم يفز بأحد هذين المقامين، و هم الغالب في زماننا، و
هم في الحقيقة ينقسمون إلى قسمين:
الأوّل: من
تعاطى درجة العلم، و هم المتجاهلون، و غاية سعيهم، الرّدّ على أهل