و قال ابن
إدريس: الذي تقتضيه أصول مذهبنا أنّ الأم قد حرمت عليه أبدا، لأنّها من أمّهات
نسائه، فأمّا البنت فله أن يختارها و يمسكها زوجة، لأنّها بنت من لم يدخل بها، و
إنّما اختار شيخنا قول بعض المخالفين، و إن كان لهم فيه قول آخر[2].
و الوجه: أن
نقول: إن أسلم بعد الدخول بالأم، حرمتا معا، و إن لم يكن قد دخل بها لم تحرم البنت
بل الأم خاصة، و لا اختيار.
لنا: عموم
قوله تعالى وَ أُمَّهٰاتُ نِسٰائِكُمْ[3].
و لأنّ
المقتضي للتحريم موجود، و المانع لا يصلح للمانعية.
أمّا وجود
المقتضي: فالأدلّة المانعة من الجمع بين الام و البنت: من الكتاب و السنّة
المتواترة، و الإجماع.
و أمّا عدم
صلاحية المانع: فلما تقرّر في الأصول من أنّ الكفّار مخاطبون بفروع العبادات.
و احتجّ
الشيخ: بأنّ المشرك إذا جمع بين من لا يجوز الجمع بينهما في نكاح، فإنّما يحكم
بصحّة نكاح من ينضم الاختيار الى عقدها.
ألا ترى
أنّه إذا عقد على عشر دفعة واحدة و أسلم، اختار منهنّ أربعا، فإذا فعل حكمنا بأنّ
نكاح الأربع وقع صحيحا، و نكاح البواقي وقع باطلا، بدليل أنّ نكاح البواقي يزول، و
لا يجب عليه نصف المهر إن كان قبل الدخول.
فإذا كان
كذلك فمتى اختار إحداهما، حكمنا بأنّه هو الصحيح و الآخر باطل.
و لأنّه إذا
جمع بين من لا يجوز الجمع بينهما و اختار في حال الإسلام، لكان اختياره بمنزلة
ابتداء عقد، بدليل أنّه لا يجوز أن يختار إلّا من يجوز إن يستأنف نكاحها حين
الاختيار، و إذا كان الاختيار كابتداء العقد كان كأنّه الآن تزوّج بها وحدها،