و الآخر: ترجيح ذلك، فقال في المبسوط: إذا مات رجل و خلّف تركة و
عليه دين انتقلت تركته الى ورثته، سواء كان الدين وفق التركة أو أكثر أو أقلّ، و
يتعلّق حقّ الغرماء بالتركة، و الدين باق في ذمّة الميّت كالرهن، و للوارث أن يقضي
الدين من عين التركة و من غيرها، كما للراهن ذلك في الرهن. و قال بعضهم: إن كان
[الدين] يحيط بالتركة لم تنتقل الى وارثه و كانت مبقاة على حكم مال الميّت، فإن
قضى الدين من غيرها ملكها الوارث الآن، و إن كان الدين محيطا ببعض التركة لم ينتقل
قدر ما أحاط الدين به منها الى ورثته و انتقل إليهم ما عداه. و قال قوم: إن كان
الدين محيطا بالتركة لم تنتقل إلى الورثة، و إن لم يكن محيطا بها انتقلت كلّها إلى
الورثة. و فائدة الخلاف فوائد المال و نماؤه، فمن قال: انتقلت التركة إلى الورثة
كان النماء للورثة لا حقّ للغرماء فيها كالثمرة و النتاج و كسب العبد و نحو ذلك. و
من قال: لا تنتقل التركة إليهم تعلّق الحقّ بالنماء كما هو متعلّق بالأصل، و هكذا
لو أهلّ هلال شوال و في التركة عبد، فمن قال: انتقل إليهم فزكاة الفطرة عليهم، و من
قال: لم تنتقل إليهم فزكاة الفطرة في التركة. و من قال: تنتقل الى الوارث قال:
لأنّه لو لم تنتقل الى الوارث بالموت لوجب إذا خلّف تركة و دينا و ابنين فمات أحد
الابنين و خلّف ابنا ثمّ قضى الدين بعد موت الابن أن تكون التركة للابن الموجود
دون ولد الابن الميّت، لأنّ الانتقال تجدّد الآن، فلمّا لم يختلف أن تكون التركة
بين الابن و ابن ابن ثبت انّ ابن الابن ورث حقّ أبيه، ألا ترى انّ الميّت لو خلّف
بنين و بنات كان نصيب أبيهم- و هو الابن الميّت للذكر مثل حظّ الأنثيين، فيثبت
بذلك انّ الملك ينتقل إلى الورثة. ثمّ قال: و الأقوى عندي انّه ينتقل إلى الورثة
ما يفضل عن مال الغرماء، لقوله تعالى مِنْ بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهٰا أَوْ دَيْنٍ ثمّ قوى عدم
الانتقال[1].
[1]
المبسوط: كتاب الشهادات فصل في الحكم بالشاهد الواحد مع اليمين ج 8 ص 192- 193، و لم
يقوّي عدم الانتقال.