قوله رحمه اللّه: «و لو حلف لا يأكل قوتا
احتمل صرفه الى الخبز و التمر و الزبيب و اللحم و اللبن، لأنّها تقتات في بعض
البلدان، و كذا غيرها ممّا يقتاته بعض الناس و الى عادة بلده».
أقول: القوت اسم
لما يقتات به، و ذلك يختلف باختلاف الناس في البلاد، فربما كان الشيء يقتاته بعض
الناس دون بعض، فإذا حلف لا يأكل قوتا احتمل فيه وجهان:
أحدهما:
انّه يحنث بأكل كلّ ما يقتات به، سواء كان ممّا يقتاته الحالف و هو متعارف عند أهل
بلده أو ممّا يقتاته غيره و إن لم يكن ذلك متعارفا بالنسبة إلى بلد الحالف، لأنّ
ذلك يصدق عليه انّه قوت، فإنّ الشيء متى ثبت له عرف في مكان تعلّق به حكم اليمين
في كلّ مكان، و الى هذا المعنى أشار المصنّف بقوله: «لأنّها يقتات في بعض
البلدان».
و احتمل
اختصاص اليمين بما يسمّى قوتا بالنسبة إلى عرف الحالف، و هو الأقرب عند المصنّف،
لأنّ إطلاق اللفظ إذا كان له عرف بالنسبة إلى المتكلّم انّما يحمل على المتعارف
عنده، لأنّه حقيقة عرفية، و يكون اللفظ بالنسبة الى غير ذلك العرف كالمجاز، و لأنّ
ذلك العرف في غير مكان الحالف قد لا يكون معلوما له و لا متصوّرا فكيف يحمل كلامه
عليه؟
قوله رحمه
اللّه: «و لو حلف: لا شربت من الفرات حنث بالكرع منها و من الشرب من
آنية اغترفت منها، و قيل: بالكرع خاصّة».