نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 47
الحاصلة بالفكر و الدراية أو التقليد و الرواية من غير بصيرة فبهذا
يزيد العالم الأمي على غيره و هذا هو البصيرة التي اختص بها النبي الأمي و الأميون
الذين يتبعونه المشار إليها بقولهأَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ
اتَّبَعَنِي[1]تتميما لقولهبَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا
مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ[2]و
المقلد و صاحب الأدلة الفكرية لا يكونان على بصيرة أبدا.
حكى أبو حامد الغزالي عن نفسه في كتاب المنقذ من الضلال أنه لما أردت
أن أنخرط في سلكهم و آخذ مأخذهم و أغترف من البحر الذي اغترفوا منه خلوت بنفسي و
اعتزلت عن نظري و فكري و شغلت نفسي بالذكر فانقدح لي من العلم ما لم يكن عندي
ففرحت به و قلت إنه قد حصل لي ما حصل للقوم فتأملت فإذا فيه قوة فقهية مما كنت
عليه قبل ذلك فعلمت أنه ما حصل[3]لي
فعدت ثانيا إلى خلوتي و استعملت ما استعمله القوم فوجدت مثل الذي وجدت أولا و أوضح
و أسنى فسررت فتأملت فإذا فيه قوة فقهية مما كنت عليه و ما خلص لي عاودت ذلك مرارا
و الحال فتميزت عن سائر النظار أصحاب الأفكار بهذا القدر و لم ألحق بدرجة القوم في
ذلك و علمت أن الكتابة على المحو ليست كالكتابة على غير المحو انتهى كلامه. و اعلم
أن الله خلق لكل طائفة من أهل الصنائع و العلوم ميزانا أي ضابطة يرجعون إليها في
وقائعهم و ذلك الميزان بالحقيقة صورة كماله و مبدأ أنظاره مركز فرجاره و ميزان كل
طائفة لا يمكن أن يستعمل في غير صنعته و لا يوزن بها صنعة غيره إلا أن أهل الله
لما لم يعتمدوا على ميزان من هذه الموازين أفاد الله لهم ميزانا قسطا يوزن به سائر
الموازين و الموزونات بها و لهذا لم ينكروا على ميزان أحد و صراطه و ما سواهم
قاطبة ينكرون صراطهم المستقيم و ميزانهم الحق.
قال الشيخ العربي في الفتوحات في الباب التاسع و الثمانون و مائتان-
و جاء هذا الفقيه و المتكلم إلى الحضرة الإلهية بميزانهما ليزنا على الله