نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 440
و جاعل النور و الظلمات غاية في فعله كلا بل هو غاية الغايات بلا
غاية و نهاية النهايات بلا نهاية بل الغاية إنما هي لما سواه من ذوي الفقر و
الحاجة المفتقر في البلوغ إليه إلى الوسائط و الوسائل فلكل من المبادي المتوسطة
غاية في فعله به يستكمل و يتوسل إليه تعالى و يحصل لنفسه زلفى لديه و هكذا إلى أن
ينال روح الوصال و ينجو من ألم الفراق و الوبال و الهبوط في مهوى النقيصة و
الإمكان و هيولى الآفة و الخسران.
فالغاية في كل شيء هو إيصاله إلى الكمال اللائق بحاله و لو لم يخلق
هذا العالم الجسماني الفسيح و الفلك الدوار المسيح إلا لأمر عظيم خطير أعظم من هذا
المحسوس المدروس الحقير النقير لقصر رداء[1]الجود و الفيض دون التمام ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين
كفروا من النار[2]و لو لم يكن
لكل ذي طبيعة غاية لكان خلق السموات و الأرض و ما بينهما عبثا و هباء و معطلا و
هزءا و هواء و قد نبه الله سبحانه على هذه الدقيقة الجليلة و الحكمة العميقة
النبيلة بقولهأَ
فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ[3]ثم رد هذا المقال و زيف نقد هذا الخيال
الحسباني الشيطاني الذي مبناه على إبطال الغايات و جحود الكمالات للطبائع و
الغايات و أجل جنابه عن هذا الفعل القاصر بقولهفَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُ[4]أي هو متعال عن هذا البهتان الصريح و الحسبان القبيح
المستنكر نسبته إلى أدنى الفواعل الذاتية الطبيعية فكيف إلى فاعل الكل الذي يرجع
إليه كل شيء و يعود و ينساق إليه كل غائب و مشهود.
فثبت و تحقق أن لكل خلق غاية و غاية الخلق و الإيجاد إيصال كل واحد
إلى كماله و إرواء كل واحد من مشرب جماله و هذا مسلك دقيق أنيق يحكم به على كل
شيء بالبرهان حتى الحجر و المدر فضلا عن الحيوان و البشر بأنه يصل يوما إلى حضرته
و يتلاشى نوره في نور عظمته و بهذا يثبت العالم الأعلى ثم الأعلى و المنزل الأشرف
فالأشرف إلى أن ينتهي إلى غاية الكل و نهاية السبل فإن درجات الوجود و طبقات الكون
منازل