نام کتاب : مفاتيح الغيب نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 137
و أما العقل الذي يذكر في العلم الإلهي و علم ما بعد الطبيعة و ما
قبلها أيضا بوجه فهو الجوهر المفارق عن الأجسام و أحوالها في الذات و في الصفات و
في الأفعال جميعا و في كل من هذه المعاني أبحاث و تحقيقات لا يعرفها إلا الكاملون
في العلم و التحقيق.
الحادي عشر الحكمة و هي أيضا تطلق لمعاني فتارة يطلق اسمها لكل علم
حسن و عمل صالح و هو بالعلم العملي أخص منه بالعلم النظري و تارة يطلق على نفس
العمل في كثير من الاستعمالات و فيها يقال أحكم العمل إحكاما إذا أتقنه و حكم بكذا
حكما و الحكمة من الله تعالى خلق ما فيه منفعة العباد و رعاية مصالحهم في الحال أو
في المال و من العباد أيضا كذلك ثم قد حدت الحكمة بألفاظ مختلفة فقيل هي معرفة
الأشياء بحقائقها و هذا إشارة إلى أن إدراك الجزئيات لا كمال فيه لأنها إدراكات
متغيرة فأما إدراك الحقائق و الماهيات فإنها باقية مصونة عن النسخ و التغير و قيل
هي الإتيان بالفعل الذي له عاقبة محمودة و قيل هي الاقتداء بالخالق تعالى في
السياسة بقدر الطاقة البشرية و قيل هي التشبه بالإله بقدر الطاقة البشرية و ذلك
بأن يجتهد في أن ينزه علمه عن الجهل و فعله عن الجور و جوده عن البخل و حلمه عن
السفه.
الثاني عشر الدراية و هي المعرفة الحاصلة بضرب من الحيل و هو تقديم
المقدمات و استعمال الروية و أصله من دريت الصيد و المدري يقال لما يصلح به الشعر
و قيل لا يصح إطلاقه على الله لامتناع الفكر و الحيلة عليه تعالى.
الثالث عشر الذهن و هو قوة النفس على اكتساب العلوم التي هي غير حاصلة
و تحقيق القول فيه أن الله تعالى خلق الروح الإنساني خاليا عن تحقق الأشياء و عن
العلم بها كما قالأَخْرَجَكُمْ
مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً[1]لكنه ما خلق الأرواح إلا للمعرفة و الطاعة على ما قالوَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا
لِيَعْبُدُونِ[2]و العبادة و هي
التقرب إليه مشروطة