نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 490
كثيرة متعاونين كل واحد منهم لكل واحد ببعض ما يحتاج إليه، فيجتمع
مما يقوم به جملة الجماعة جميع ما يحتاج إليه في قوامه و في بلوغه إلى كماله.
و لهذا كثرت الاجتماعات الإنسانية، فمنها الكاملة، و منها الغير
الكاملة.
فالأولى ثلث عظمى كاجتماعات أفراد الإنسان كلها في المعمورة من
الأرض، و وسطى كاجتماع أمة في جزء من المعمورة، و صغرى كاجتماع أهل مدينة في جزء
من أمة.
و الثانية، كاجتماع أهل القرية و أهل المحلة و السكة و البيت، إلا أن
القرية للمدينة كالخادم و المحلة لها كالجزء و السكة جزء المحلة و البيت جزء
السكة، و الجمع من أهل المدائن و المساكن للأمم أجزاء لأهل المعمورة.
فالخير الأفضل و الكمال الأقصى إنما ينال بالمدينة الفاضلة و الأمة
الفاضلة التي يتعاون مدنها كلها على ما ينال بها الغاية الحقيقية، و الخير الحقيقي
دون المدينة الناقصة، و الأمة الجاهلة التي يتعاونون على بلوغ بعض الغايات التي هي
الشرور.
فالمدينة الفاضلة تشبه البدن التام الصحيح الذي يتعاون أعضاؤه كلها
تتميم حياة الحيوان، و فيها عضو واحد رئيس هو القلب، و أعضاء تقرب مراتبها من ذلك
الرئيس، إذ لكل واحد منها جعلت فيه قوة يفعل بها فعله اقتفاء لما هو بالطبع غرض
ذلك العضو الرئيس.
و أعضاء أخر فيها قوى بالطبع، يفعل أفعالها على حسب أغراض هذه القوى
التي ليس بينها و بين الرئيس واسطة، و هذه في المرتبة الثانية.
و أعضاء أخر يفعل على حسب الأغراض، هذه التي في المرتبة الثانية، ثم
هكذا إلى أعضاء الخادمة لا رئاسة و لا ترؤس فيها أصلا.
كذلك المدينة أجزاؤها مختلفة الفطر، و الطبائع متفاضلة الهيئات بحسب عناية
الله على عباده، و وقع ظلال من نور صفاته العليا و أسماء الحسنى على خلقه و بلاده،
كوقوع ظلال من صفات النفس الناطقة و أخلاقها على خلائق البدن، و بلادها من القوى و
الأعضاء، ففيها إنسان واحد هو رئيس مطاع، و آخرون يقرب مراتبها من الرئيس، و في كل
واحد منها هيئة و ملكة يفعل بها فعلا يقتفي به ما هو مقصود ذلك الرئيس، و هؤلاء-
هم أولو المراتب الأول، و دون هؤلاء هم الذين يخدمون و لا يخدمون، و هم الأسفلون
في أدنى
المبدأ و المعاد ؛ ص491
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 490