نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 457
و الحركة الذاتية إلى القرب من الله تعالى و الاجتناب عن عالم
الظلمات و الحجب الجسمانية، فإن التجسم عين الحجاب و الغفلة و النوم و الجهل كما
أشرنا إليه بوجه لطيف.
فنقول في كراهة الموت الطبيعي من الروح النطقي سببان، أحدهما فاعلي،
و الآخر غائي.
و أما السبب الفاعلي فهو أن النفس كما مر لها نشئات ثلاثة، حسية و
خيالية و عقلية.
فأول نشئاتها نشأة الحس، و لها الغلبة على الإنسان ما دامت هذه
الحيات الحسية باقية له، فيجري أحكامها على النفس في هذه الدار، و يؤثر فيها من
هذه الجهة كلما يؤثر في الجوهر الحاس و في الحياة الحسي من الملائمات و المنافيات
الحسية (في الحيوان الحسي- خ).
و لهذا يتألم و يتضرر و يتفرق الاتصال و الاحتراق بالنار و سائر
المنافيات الحسية، لا من حيث كونها جوهرا ناطقا و ذاتا عقلية ذات نشأة روحانية و
عالم ملكوتي، بل من حيث كونها جوهرا حساسا ذا نشأة حسية و عالم دنياوي.
فتوحشها من الموت البدني و كراهتها للعدم الحسي، إنما يكون لها بحصة
من هذه النشأة الطبيعية.
و أما ما يقتضيه العقل التام و قوة الباطن و غلبة سلطان الملكوت و
التشوق إلى الله تعالى و مجاورة ملكوته و مقربيه، فهو محبة الموت الطبيعي و الوحشة
عن حياة هذه النشأة و مشاهدة حيوانات الدنيا.
فإن وحشة أهل الباطن عن مجاورة أحياء هذا العالم، أشد من وحشة
الإنسان الحي عن مجاورة الأموات بكثير.
و أما السبب الغائي و الحكمة في كراهة الموت، فهو، أن إرادة الله و
قصده في إبداع الألم في جبلة الحيوانات و الوجع و الخوف في طباعها عما يلحق
أبدانها من الآفات العارضة و العاهات الواردة عليها و خصوصا الموت، ليس من باب
العقوبة كلها كما ظنته التناسخية، بل حثا لنفوسها على حفظ أبدانها و كلاية أجسادها
و صيانة هياكلها من الآفات العارضة لها.
إذ الأجساد لا شعور لها في ذاتها و لا قدرة على جر منفعة إليها و لا
دفع مضرة منها، فلو لم يكن ذلك، لتهاونت النفوس بالأجسام، و خذلتها و أسلمتها إلى
المهالك قبل فناء أعمارها و انقضاء آجالها، و لهلكت دفعة واحدة في أسرع مدة قبل
تحصيل نشأة
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 457