نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 456
بالنفس، فإذا انقطع النظر عن النفس لم يبق للبدن من إنيته و حقيقته
إلا العناصر و الأجزاء البسيطة و الهيولى، و هي بحالها.
و قال بعض العرفاء: إن الموت أثر تجلي الحق لموسى النفس الناطقة،
فيندك جبل البدن، لكونه من عالم الملك، و تجليه تعالى إنما يكون في عالم الملكوت
للنفس الناطقة التي قويت نسبتها إلى ذلك العالم، فعند ما قويت بشيء بجهة
الروحانية و الملكوتية، اضمحلت منه جهة الجسمانية و الملكية، لأنهما ضدان، و
الدنيا و الآخرة ضرتان لا تجتمعان.
فإن قلت: لو كانت النفوس متوجهة بحسب جبلتها نحو الآخرة، فلم جعل في
طبعها ما يضاد ذلك، و هو كراهة الموت و بغض الفناء و العدم.
قلت: إن الله جعل لواجب حكمته في طبع النفوس محبة الوجود و البقاء، و
جعل في جبلتها كراهة العدم و الفناء، و هذا حق للنفس، جبلي لها، لكون الوجود خيرا
صرفا، و نورا محضا، و بقاء خيرية الخير و نورية النور، و الطبيعة لم يفعل شيئا
باطلا.
فعلم من هذا، أن شهوة النفوس للبقاء و كراهتها للفناء، ليست إلا
لحكمة و غاية، و هي طلب بقائها الأخروي، و اتصالها بعالم الملكوت الذي هو عالم
الدوام و البقاء.
فمحبة مطلق الوجود و كراهة مطلق العدم مرتكزة في طبع النفوس و ذاتها،
بحيث أودعها الله تعالى فيها.
و حيث تيقن أن بقاءها و دوامها في هذه النشأة الحسية أمر مستحيل، فلو
لم يكن لها نشأة أخرى ينتقل هي إليها، لكان ما ارتكز في النفس و أودع في جبلتها من
جهة البقاء السرمدي و الحياة الأبدية باطلا ضائعا، و لا باطل في الطبيعة على ما
قالته الحكماء قولا حتما.
فأما كراهة النفس لموت الجسد الذي هو عائق عن حياتها السرمدية و
بقائها الأبدي، و السبب في ذلك مع ما ارتكز فيها من التوجه الجبلي لها إلى الدار
الآخرة
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 456