نام کتاب : الشفاء - الطبيعيات نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 83
فهو بعد لم[1]يتبرأ
عما هو[2]بالقوة فى الأمرين جميعا، أحدهما المتوجه إليه بالحركة و الآخر فى
الحركة. فإن الحركة فى ظاهر الأمر لا تحصل له بحيث لا تبقى قوتها إليه[3]، فتكون الحركة هى الكمال
الأول لما بالقوة لا من كل جهة، فإنه يمكن أن يكون لما[4]بالقوة كمال آخر ككمال إنسانية أو فرسية لا يتعلق ذلك بكونه بالقوة
بما هو بالقوة. و كيف يتعلق و هو لا ينافى القوة ما دامت موجودة، و لا الكمال إذا
حصل.
فالحركة كمال أول لما هو بالقوة[5]من جهة ما هو بالقوة. و قد حدث[6]بحدود مختلفة مشتبهة، و ذلك لاشتباه[7]الأمر فى طبيعتها إذ كانت طبيعة لا توجد أحوالها ثابتة بالفعل و
وجودها فيما يرى أن يكون قبلها شيء قد بطل و شيء مستأنف الوجود. فبعضهم حدها
بالغيرية إذ كانت توجب[8]تغيرا
للحال[9]و إفادة لغير[10]ما
كان. و لم يعلم أنه ليس يجب أن يكون ما يوجب إفادة الغيرية فهو فى نفسه غيرية،
فإنه ليس كل ما يفيد[11]شيئا يكون هو إياه[12]و
لو كانت[13]الغيرية حركة لكان كل غير متحركا، و لكن ليس كذلك. و قال قوم إنها
طبيعة غير محدودة، و الأحرى[14]أن
يكون هذا إن كان صفة[15]لها صفة غير خاصة. فغير الحركة ما هو كذلك كاللانهاية و الزمان، و
قيل إنها خروج عن المساواة كأن الثبات على صفة واحدة مساواة للأمر[16]بالقياس إلى كل وقت يمر عليه.
و أن[17]الحركة لا تتساوى نسبة أجزائها و أحوالها إلى الشيء فى أزمنة
مختلفة، فإن المتحرك فى كل آن له أين آخر.
و المستحيل له فى كل آن كيف آخر. و هذه رسوم إنما دعا اليها[18]الاضطرار و ضيق[19]المجال
و لا حاجة بنا إلى التطويل فى إبطالها و مناقضتها[20]، فإن الذهن السليم يكفيه فى
تزييفها[21]ما قلناه[22]. و
أما ما قيل فى حد الحركة أنها زوال من حال إلى حال، أو سلوك قوة إلى فعل، فذلك
غلط، لأن نسبة الزوال و السلوك إلى الحركة لبس كنسبة الجنس أو ما يشبه الجنس[23]، بل كنسبة الألفاظ المرادفة[24]إياها[25]. إذ هاتان اللفظتان و لفظة الحركة وضعت أولا لاستبدال[26]المكان، ثم نقلت إلى الأحوال.
و مما يجب أن تعلم فى هذا الموضع أن الحركة إذا حصل من أمرها ما يجب
أن يفهم، كان مفهومها اسما لمعنيين: أحدهما لا يجوز أن يحصل بالفعل قائما فى
الأعيان، و الآخر يجوز أن يحصل فى الأعيان، فإن الحركة